أوروبا تناضل لاستعادة موقعها العالمي في ظل تزايد العزلة
السبت 12 أبريل 2025 - 08:51 ص

بعد الإغلاق الكامل لأكثر مطارات أوروبا ازدحاماً بسبب حريق في محطة كهرباء فرعية، يتضح أن هذا الحدث يحمل الكثير من الدلالات. إذا كانت هناك مؤشر على انهيار القارة العجوز بسبب اختلالها الاقتصادي، فإن الفوضى في مطار هيثرو تمثل رمزاً قوياً لذلك التراجع الأوربي.
على مدار عقود من التطرف البيئي الذي أضعف قدرتها التنافسية، والتعددية الثقافية النسبية التي قوّضت تماسكها الاجتماعي، وأوهام العالم بلا حدود، أصبحت أوروبا أكثر عزلة في مواجهة التهديدات الداخلية والخارجية. مثل مطار هيثرو، أصبحت أوروبا حضارة مظلمة.
بصفتي أحد الذين حاولوا العودة إلى ديارهم في أوروبا، أشعر أن هذا الحدث يعكس حالة أوروبا بشكل رمزي، مما يجعلني أفكر في رؤية حضارة عريقة أضاءت العالم لأكثر من ألف عام. الأزمة الوجودية حقيقية، ومعظم الأسابيع التسعة منذ تنصيب ترامب هناك كانت ملئية بالتوقعات الخطأ.
يشعر الأوروبيون بالقلق والحماسة، ربما يهدف ترامب بتعامله الصادم وتجاهله لأهمية أوروبا إلى إحياء رغبة أوروبية جديدة في الحياة. ولكن، تأثير كلماته كان صادماً ويثير تساؤلات عما يعنيه هذا لأوروبا وللعالم.
ما يحدث الآن هو أن ترامب قدم الحوافز لأوروبا لتصبح عظيمة مرة أخرى. بتخلي الولايات المتحدة عن دورها كحليف موثوق، تواجه القارة تحديات في التعامل مع روسيا ومعالجة تطوير وسائل بقائها.
أخبرني أحد قادة الأعمال الإيطاليين أن هناك توقعات بالطلبات الكبيرة على الطائرات والدبابات. ويبدو أن أعضاء مجلس اللوردات في لندن يدرسون تعزيز الردع النووي البريطاني. وتستعد ألمانيا لضخ أموال ضخمة في البنية التحتية والدفاع.
هذا النشاط يؤثر إيجابياً على الاقتصاد الأوروبي، وتوقعات النمو يتم مراجعتها بصورة تصاعدية. وارتفعت الأسهم الأوروبية بشكل ملحوظ مقارنة بالأسهم الأميركية، ما يعكس تغييراً في توجهات السوق العالمية.
رغم ذلك، هناك مخاطر على أميركا؛ فالأوروبيون قد يتمسكون بحمائيتهم، والتعاون في المجال الدفاعي قد يحمل شروطاً جديدة. الشركات الدفاعية الأوروبية شهدت زيادات كبيرة في أسهمها، مما يعكس الاهتمام المتزايد في هذا القطاع.
تكلفة إضعاف العلاقات مع أوروبا ستكون كبيرة على الولايات المتحدة، إذ إنها قد تُعقد من مصالحها الدبلوماسية والأمنية. وسيكون على أوروبا أن تدفع ثمن تقليص التزام واشنطن في الدفاع عنها، حيث تركز الولايات المتحدة على قضايا استراتيجية أوسع.
الأمر الثابت هو أن العلاقة بين أوروبا وأميركا تشهد تحولاً كبيراً وتعيد تشكيل القضايا الأمنية والاستراتيجية على المستويات العالمية. هذا الأمر يخلق تحديات جديدة للطرفين ويدفعهما نحو إعادة تقييم أدوارهما المستقبلة في النظام العالمي.
مواد متعلقة
المضافة حديثا
الأكثر مشاهدة اليوم