الصين تعيد تشكيل التجارة: مسار جديد عبر القوقاز نحو أوروبا

الأحد 13 أبريل 2025 - 04:01 ص

الصين تعيد تشكيل التجارة: مسار جديد عبر القوقاز نحو أوروبا

منى شاهين

تدعي الصين أن تعاونها مع روسيا وثيق، بيد أن هذه العلاقة تصبح أقل وضوحًا عند النظر في اهتمامات الأمن الاقتصادي للصين المتعلقة بصادراتها الكبيرة إلى أوروبا. في هذه الحالة، تفضل الصين الشعبية عدم الاعتماد كليًا على شريكتها روسيا. في ديسمبر الماضي، وُضعت الخطط لبناء خط سكة حديد جديد يتجاوز روسيا عبر قيرغيزستان وأوزبكستان، ما يربط الصين بأوروبا بشكل أقرب. يرى المراقبون أن هذا قد يكون مهمًا بشكل خاص إذا أثرت السياسات التجارية لدونالد ترامب على الأسواق الأمريكية، فالصين بالفعل تبيع للاتحاد الأوروبي أكثر مما تفعله للولايات المتحدة. خطة سكة الحديد الجديدة بُحث هذا المشروع منذ ثلاثة عقود، لكن الرغبة القوية للصين في إنجازه نشأت بعد الحرب بين روسيا وأوكرانيا عام 2022. كانت الخطوط الرئيسية لعبور السكك الحديدية تمر عبر روسيا وكازاخستان، إلا أن الحرب جلبت مخاطر عديدة. شهدت الصين اضطرابات في خطوط النقل عبر روسيا، حيث أن العقوبات أثرت سلبًا على ذلك. هذا الأمر دفع الشركات لتحويل مساراتها نحو بحر قزوين والممر المعروف بالممر الأوسط لتجنب المخاطر. تفصل قيرغيزستان وأوزبكستان الآن بين شبكة القطارات، ما يوفر مسارًا أقصر لأوروبا عبر الممر الأوسط. تم التوصل لاتفاقيات بشأن خط يمتد لـ520 كيلومتر. مبادرة الحزام والطريق رغم أن الصين لم تتجاهل روسيا تمامًا، إلا أنها تراها عنصرًا أساسيًا في مبادرة الحزام والطريق التي أطلقها رئيس الصين شي جين بينغ عام 2013. الهدف منها كان تحسين الاتصال مع آسيا الوسطى وروسيا لأسباب أمنية. تسعى الصين الآن لاستخدام الممر الأوسط لتحقيق مكاسب تجارية مع استمرار التباطؤ في نمو البلاد. خيارات النقل الجوي والبحري زادت الهجمات على السفن في البحر الأحمر من مخاطر التجارة البحرية، حيث تبحث الصين عن بدائل. وفي معرض حديثه عن تحديات النقل، يقول يونس شريفلي الباحث في مشروع الصين: أظهرت الهجمات في البحر الأحمر مخاطر الطرق البحرية. لا يمكن للقطارات تحل محل السفن من حيث القدرة على الحمل، والشحن البحري لا يزال أرخص. ولكن الصين تهدف لأخذ احتياطات تحوطية. الممر الأوسط سيأخذ الخط الجديد وقتًا للبناء. في غضون ذلك، تعمل الصين على تحسين الممر الأوسط. عند اكتماله، سيعبر الخط بحر قزوين، حيث يتم تحميل الحاويات على السفن. كانت الصين نشطة في تطوير هذا المسار منذ بداية الحرب في أوكرانيا. ظهر هذا الجهد بشكل واضح في القمة الصينية الآسيوية 2023. درس باحثون من جامعة لانزو هذا في دورية نشرتها معاهد الصين للعلاقات الدولية. منذ عام 2021 حتى 2024، نمت الشحنات بشكل كبير عبر بحر قزوين، إلا أنه لا يزال صغيراً مقارنة بالطاقة البحرية. ولتحقيق ربط أوثق لأوروبا، نمت قيمة التجارة بشكل كبير عبر السكك الحديدية، بحسب بيانات صينية. التعاون مع الاتحاد الأوروبي ترأست أورسولا فون دير لاين أول قمة بين الاتحاد الأوروبي وآسيا الوسطى في أبريل، ناقش فيها القادة تحسين طريق بحر قزوين. الاتحاد الأوروبي هو الآخر يسعى لتقليل الاعتماد على روسيا. تضاعف حجم الشحن البحري السنوي دوليا عبر طريق بحر قزوين إلى أكثر من الضعف بين أعوام 2021 و2024. هناك توافق بين أوروبا والصين على تقليل الاعتماد على روسيا، لكن تختلف المواقف في مجالات أخرى كثيرة. بالنسبة لأوروبا، تمثل روسيا تهديدًا وجوديًا، لكنها تبقى حليفًا عزيزًا للصين. أصبحت واردات الصين من النفط والغاز من روسيا وآسيا الوسطى أكثر أمانًا. وضح وزير الخارجية الصيني العلاقة بأنها ثابتة بين البلدين رغم تقلب الظروف. تركيا كبوابة يعتبر مضيق البوسفور في تركيا بوابة استراتيجية للسوق الأوروبية، فيما تنوع الصين سلعها. تشير التقارير إلى اختناقات في النقل ببحر قزوين حيث يوجد نقص في السفن. وتمر الطرق البحرية عبر إيران، لكنها محفوفة بالمخاطر السياسية. تعتبر تركيا خيارًا مستقرًا نسبيًا، لكنها تحتاج إلى تطوير بنيتها التحتية لتحمل الشحنات الكبيرة. تسعى تركيا لتمويل خط سكة حديد جديد، حيث ترحب بمشاركة الصين، ويرى الأوروبيون ذلك متوافقًا مع خططهم لدعم البنية التحتية. يؤكد الاتحاد الأوروبي على تحسين الاتصالات الحديدية مع آسيا الوسطى والصين. يعرب الاتحاد عن رغبة في تعزيز البنية التحتية رغم السياسة الصناعية الصينية المتصاعدة. الخاتمة بينما تسعى أوروبا إلى تجاوز روسيا، تركز على الاستثمار في المواد الخام بآسيا الوسطى، مثل المعادن النادرة واليورانيوم. الصين وأوروبا تتفقان على أهمية تجاوز روسيا، إلا أن التحالف مع روسيا لا يزال محوريا للصين، فيما تبقى موسكو تهديدًا لأوروبا.

مواد متعلقة