قرض تعويضات أوكرانيا يفضح الانقسامات داخل الاتحاد الأوروبي

الأحد 21 ديسمبر 2025 - 04:08 ص

قرض تعويضات أوكرانيا يفضح الانقسامات داخل الاتحاد الأوروبي

ناصر البادى

قد عكست قمة الاتحاد الأوروبي الأخيرة الخلافات العميقة بين دول الاتحاد، حيث كان من الواضح أن الفشل في الاتفاق حول "قرض تعويضات" لأوكرانيا بضمان أصول روسية مجمدة أحدث هزة سياسية بين الدول الكبرى في التكتل. بالرغم من هذه الصعوبات، تم العثور على حل بديل في اللحظات الأخيرة.

بعد مفاوضات متعبة استمرت 16 ساعة، توصل قادة الاتحاد الأوروبي فجر الجمعة إلى اتفاق لتمويل أوكرانيا التي كانت تواجه نقصًا حادًا في السيولة بحلول أبريل المقبل، من خلال قرض بقيمة 90 مليار يورو. هذا الحل لم يكن مثاليًا بالنسبة لمعظم القادة.

قبل حوالي شهرين، اقترحت المفوضية الأوروبية خطة لإقراض أوكرانيا بضمان جزء من أصول البنك المركزي الروسي المجمّدة في أوروبا، والتي تقدّر بـ210 مليارات يورو. وكان الهدف هو استخدام تلك الأصول لتمويل القرض لأوكرانيا.

إحدى العقبات كانت اعتراض رئيس الوزراء البلجيكي، بارت دي ويفر، خشيةً من أن رد فعل موسكو قد يتسبب في مصادرة أصول بلجيكية في دول موالية لروسيا، كالصين. وهذا أدى إلى رفض الخطة المقترحة من قبل المفوضية الأوروبية.

أصرت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، ومستشار ألمانيا، فريدريش ميرتس، على "قرض التعويضات" ولكن دون جدوى. وفي النهاية، تم إيجاد بديل آخر لضمان القرض عبر الأموال الاحتياطية في ميزانية الاتحاد الأوروبي.

سعت بعض دول جنوب الاتحاد الأوروبي للقبول بالاقتراض المشترك، إلا أن الفكرة لاقت معارضة من الدول الأوروبية الشمالية "المقتصدة"، التي لم ترغب في زيادة الديون المشتركة. ومع نهاية القمة، اتفق القادة على حل بديل يحظى بدعم الجميع.

دول مثل المجر وسلوفاكيا وجمهورية التشيك، على الرغم من تشككهم، أظهروا الدعم بعد إعفائهم من بعض الشروط، الأمر الذي مكن التوصل إلى اتفاق تاريخي وذو آثار بعيدة المدى للدول الأوروبية.

أكّد هذا الاتفاق، كما أشار المحللون، على طريقٍ جديدٍ للاتحاد الأوروبي لتعزيز وحدته وقدرته على التصرف في الأزمات العالمية. وقد وصفه غونترام وولف من مركز "بروجيل" بأنه "صفقة ضخمة للاتحاد الأوروبي".

لقد أشارت القمة أيضًا إلى إمكانية اتخاذ قرارات بشأن ديون جديدة دون الحاجة إلى إجماع كامل، وهي خطوة غير مسبوقة بدعم من العديد من الدول. وعلّق ألبرتو أليمانو، أستاذ قانون الاتحاد الأوروبي، على أن هذا الاتفاق "غير مسبوق" في تاريخه.

أثار سؤال من قبل جيريمي كليف من المجلس الأوروبي، فيما يخص الديون المشتركة دون إجماع، احتمال أن يكون ذلك توجه طويل الأمد لموارد الاتحاد الأوروبي المشتركة، ما يمكن أن يعتبر علامة فارقة في تاريخ التكتل.

من الواضح أن نتائج هذه القمة أظهرت قدرة الاتحاد الأوروبي على التغلب على الانقسامات الداخلية للوصول إلى حلول تقوّي من موارده المشتركة وقدرته على مواجهة التحديات العالمية.


مواد متعلقة