مزارع سعودي يروي قصة تميز ورد الطائف الفريد من نوعه
الأربعاء 23 أبريل 2025 - 03:29 م

أمضى الثمانيني السعودي خلف الله الطلحي أكثر من نصف حياته في زراعة الورود وتقطيرها لصناعة العطور في مسقط رأسه الطائف في غرب المملكة، ليتمكن الآن من إنتاج أكثر من 60 عطراً مختلفاً. تُعرف الطائف بكونها "مدينة الورود"، حيث تُنتج فيها ما يقرب من 300 مليون زهرة سنوياً عبر أكثر من 800 مزرعة، معظمها يفتح أبوابه للزوار في المدينة الجبلية القريبة من مكة.
قال الطلحي، الذي يعمل في هذا المجال لأكثر من 45 عاماً: "أنا أحب الورد وأعتبرها كأولادي، لأن فقدانها يتطلب وقتاً طويلاً لتعويضها". وأضاف بينما كان يرتدي ثوبًا أبيض و(شماغ) أحمر في مزرعته الكبيرة: "لقد بدأنا زراعة الورود منذ حوالي 46 عاماً".
في كل عام، ومع قدوم موسم الربيع، تتفتح الأزهار في المدينة ذات المناخ المعتدل، ليتحول المشهد الطبيعي الصحراوي الواسع إلى لوحة وردية زاهية. وفي شهر أبريل، تُقطف الورود لاستخراج الزيت المستخدم في تطهير الجدران الخارجية للكعبة المشرّفة في مكة المكرمة، القريبة من الطائف.
أوضح الطلحي أنه ينتج الآن ما بين خمسة إلى ستة ملايين وردة سنوياً، وقام مع عائلته بتطوير زراعتهم لتصبح صناعة مربحة تنتج أكثر من 60 نوعاً من العطور المختلفة، مؤكداً أن "دهن الورد الطائفي يتميز عن جميع أنواع الورد الأخرى في العالم. رغم التشابه في المظهر، إلا أن الرائحة فريدة وغنية".
بالرغم من الإنتاج الوفير، لا يصدّر الطلحي ورد الطائف خارج السعودية. حيث يشرح: "الورد الطائفي إنتاجه محدود، لذا يصدّر بكمية قليلة لأن الطلب المحلي كبير. في السعودية، نحن نحب الورود وعطرها، وهو عطر ملكي يناسب الملوك".
وفقاً لبيانات "تريند إيكونومي"، صدرت السعودية في 2023 بما يعادل 141 مليون دولار من منتجات العطور، بما في ذلك ماء الورد. وفي مزرعة الطلحي، يعتني العمال بشجيرات الورد ويقطفون آلاف الأزهار كل يوم لإنتاج ماء الورد والزيت، وهما مكونان قيمان في صناعة الجمال والطهي.
أثناء حصاد الأزهار، يقوم عمال آخرون بملء السلال يدوياً قبل غلي الأزهار وتقطيرها. تُغلى الورود لمدة 30 إلى 35 دقيقة حتى تتبخر تقريباً، ثم تبدأ عملية التقطير التي تستمر لمدة ثماني ساعات. وبعدها، يتم استخراج الزيت الذي يطفو على السطح بأداة خاصة، ليُعبأ في قوارير مختلفة الأحجام، وتُباع أصغرها بسعر 350 ريال (93 دولاراً تقريباً).
يواصل الطلحي متابعة عملية التقطير، موضحاً: "الورد جزء من حياتي". لكن شغفه بالورود يواجه تحديات جديدة كالتغير المناخي مثل ارتفاع درجات الحرارة والبرد القارس أو الأمطار الغزيرة.\
وقد أصدر علماء المناخ تحذيرات بأن كل درجة من الاحتباس الحراري تزيد من شدة وتكرار الأحداث الجوية المتطرفة. وذكر تقرير من المجلس الأطلسي أن "تغير المناخ يسارع بتدهور التربة بوسائل مثل التملح، والتآكل والتصحر، مما يضعف جودة وإنتاجية الأراضي الزراعية في السعودية".
وتوقع المجلس أن ينخفض إنتاج القمح في السعودية بنسبة تتراوح بين 20% و30% بحلول 2050 بسبب الإجهاد الحراري ونقص مياه الري، إضافة إلى توقعات بانخفاض إنتاج أشجار النخيل وغيرها من المحاصيل الأساسية. تأثيرات هذه التغيرات بدأت تلاحظ على الصحراء المحيطة بالطائف، كما يعبر الطلحي.
ويضيف بأسف: "العام الماضي والذي قبله كان شتاءً قارصاً. هناك مزارع لم تُجن منها زهرة واحدة. والعوامل الجوية تحدث، لكنها هذا العام كانت أضعف بكثير، ومع زيادة الطلب، تمكنا من بيع كل إنتاج مزارعنا". برغم تقدم سنه، ما يزال الطلحي يعمل بجد في المزرعة منذ الفجر حتى التاسعة مساءً، خاصةً في موسم الورد.
يختتم الطلحي حديثه وهو يقول: "أعتبر أن المزرعة هنا هي روحي أو نبض قلبي. ولن أفترق عنها إلا بالموت".
مواد متعلقة
المضافة حديثا
الأكثر مشاهدة اليوم