الشامسي يؤكد شمول الأصول الرقمية في التركات عند إثبات ملكيتها

الجمعه 04 يوليو 2025 - 12:30 ص

الشامسي يؤكد شمول الأصول الرقمية في التركات عند إثبات ملكيتها

عادل جمال

أكد رئيس محكمة التركات في دبي، القاضي محمد جاسم الشامسي، أن العملات الرقمية للمتوفى تُعد جزءاً من التركة، بشرط أن تكون قابلة للتداول، ومعترفاً بها من قبل المصرف المركزي في الدولة، وأن تثبت ملكيتها للمورّث بشكل قانوني.

وأوضح أن المحكمة لا تمانع في إدخال العملات الرقمية ضمن أصول التركة، طالما ثبت أنها مملوكة للمتوفى، ولها قيمة فعلية في السوق، ويمكن التحقق منها، قائلاً: "مادامت العملة الرقمية معترفاً بها، ولها قيمة سوقية، وتم إثبات ملكيتها أمام المحكمة، فهي تورث كأي مال آخر، ولا يوجد مانع قانوني لذلك".

وكشف خلال لقاء مع منصة "عرب كاست" أن محكمة التركات أنهت خلال العام الماضي تسويات على 1365 عقاراً كانت ضمن قضايا تركات، ومهددة بأن تتحول إلى قضايا ونزاعات مطوّلة، إلا أن المحكمة استطاعت إغلاقها ودياً بين الورثة، ما جنّبهم الدخول في إجراءات تقاضٍ معقدة ومكلفة، وبلغت القيمة الإجمالية للعقارات التي تمت تسويتها أكثر من 10 مليارات درهم.

وأوضح الشامسي أن هذا الإنجاز تحقق من خلال نهج المحكمة القائم على تشجيع التسوية الودية قبل اللجوء للتقاضي، مبيناً أن من بين كل 100 قضية توجد 84 قضية تنتهي بالصلح، أي أن نسبة 84% من قضايا التركات التي نُظرت في المحكمة خلال العام الماضي انتهت بالصلح، وهو ما يعني أن 16% فقط من القضايا تحولت إلى نزاعات قضائية.

وقال: "الورثة الذين لجأوا للتسوية حصلوا على حقوقهم بشكل سريع، واستفادوا من بيع العقارات أو توزيعها دون الدخول في خصومات طويلة، وتمكنوا من تفادي تجميد أموالهم لمدة قد تصل إلى عام أو أكثر".

وأضاف أن هذه النسبة العالية من التسويات تؤكد أن معظم الورثة ليس لديهم خلافات حقيقية، بل اختلافات في وجهات النظر أو غموض في الإجراءات، وهو ما تتدخل المحكمة لحله في مراحله المبكرة، مؤكداً أن الهدف الأسمى هو الحفاظ على ترابط الأسرة قبل توزيع المال.

وفيما يتعلق بتسريع إجراءات التركات، أوضح القاضي محمد الشامسي أن محكمة التركات وفّرت نموذجاً جديداً لإدارة ملف التركة، يعتمد على ملف موحد يضم جميع القضايا المرتبطة بالتركة، ويتم النظر فيه من قبل قاضي التحضير، الذي يمتلك صلاحيات واسعة لتصفية التركة، واتخاذ قرارات بشأن البيع أو التقسيم وفق طلبات الورثة، مشيراً إلى أنه يتم إعطاء الورثة مهلة شهر واحد لتسجيل دعاوى النزاع، وفي حال لم يتم التسجيل، يُعتبر ذلك مؤشراً على عدم الجدية في المطالبة، ما يسمح لقاضي التحضير بالرجوع إلى نقطة البداية، واتخاذ القرار المناسب بناءً على الواقع.

وأكد أن محكمة التركات تعمل من خلال دائرتين قضائيتين "الأولى ابتدائية"، ويترأسها قاضٍ واحد يقوم بدور قاضي التحضير، وقاضي التركات، والمشرف على ملفات الدعوى، ما يسهم في اختصار الوقت وتوحيد القرارات، أما الدائرة الثانية فهي ابتدائية كلية، تختص بالنظر في النزاعات عند عدم الوصول إلى تسوية، وتضم قضاة متخصصين في المدني والتجاري والعقاري، إضافة إلى قاضي أحوال شخصية يتولى القضايا المرتبطة بإثبات النسب أو إنفاذ الوصايا الخاصة بغير المسلمين، وغيرها من المسائل الدقيقة.

وأوضح الشامسي أن القانون الجديد للأحوال الشخصية ألغى الإجراءات القديمة الخاصة بتصفية التركات، وأحال التعامل معها إلى قانون المعاملات المدنية، وتحديداً المواد من 1219 إلى 1256، ما أتاح مرونة أكبر في التعامل مع هذه القضايا، وفتح المجال أمام الجهات القضائية المحلية لتنظيم آليات خاصة بإدارة التركات.

وتحدث عن دور المحكمة في تنظيم توزيع الريع العقاري بعد وفاة المورث، لاسيما في حالات الملكية الشائعة التي يترتب عليها خلافات بين الورثة حول إدارة العقارات وتوزيع الإيرادات، مشيراً إلى أن المحكمة، بالتعاون مع دائرة الأراضي والأملاك في دبي، اعتمدت مكاتب عقارية مصنفة تصنيف خمس نجوم لإدارة العقارات محل النزاع، وتمت تجربة هذا النموذج في بعض القضايا، وحقق نتائج إيجابية كبيرة، حيث تم توكيل طرف محايد يتولى الإدارة المالية والإشراف على التوزيع بشكل عادل ومنصف، ما أسهم في إزالة الشكوك وتحقيق رضا الورثة.

وشدد الشامسي على أهمية نشر الوعي القانوني بين الورثة والمحامين، مبيناً أن غالبية النزاعات تبدأ باختلافات بسيطة في وجهات النظر، مثل من يدير العقار أو من يحصل على الريع، ولكن غياب الفهم القانوني يحول هذه الاختلافات إلى خلافات، قد تستمر في المحاكم سنوات، قائلاً: "أهيب بالمحامين بأهمية الاطلاع على مرسوم التركات الجديد، حيث يحتوي على أحكام جديدة غير موجودة في السابق، وهذا يساعد الورثة في تقديم طلبات صحيحة، ومعظم الخلافات بين الورثة لا يكون بسبب الطمع، بل نتيجة لعدم المعرفة بالإجراءات، وإذا عرف الورثة حقوقهم والتزموا القانون، فإن أكثر من نصف هذه القضايا لن يصل للمحكمة".

وأكد الدور الإصلاحي للمحكمة، قائلاً: "قبل تقسيم المال، نحرص على ترابط الأسرة، وهذه مسؤولية لا تقل أهمية عن إصدار الأحكام، داعياً جميع الورثة إلى اللجوء إلى التسوية الودية، والاستفادة من آليات المحكمة الحديثة التي تضمن العدالة وتوفر الوقت والمال".

مخاطر الزواج غير الموثق

روى القاضي محمد جاسم الشامسي خلال اللقاء قصة غريبة، تكشف عن التعقيدات القانونية والاجتماعية للزواج العرفي، وذلك خلال فترة عمله في المحاكم عام 2001، حيث بدأت القصة عندما تقدمت امرأة بطلب توثيق زواج رسمي، لكنها فاجأت القاضي بإفادتها بأنها غير متزوجة وحامل في الوقت نفسه، وعند الاستفسار، اتضح أنها متزوجة عرفياً، وترغب في تحويل هذا الزواج إلى وثيقة رسمية.

وأوضح القاضي للمرأة أن هذا الإجراء غير ممكن بشكل مباشر، حيث لا يمكن إنشاء عقد زواج جديد بوجود زواج عرفي قائم، ونصحها برفع دعوى قضائية لإثبات الزواج العرفي وتوثيقه بتاريخه الأصلي، مؤكدًا على ضرورة اتباع الإجراءات القانونية الصحيحة.

وتُبرز هذه الواقعة خطورة الزواج العرفي، خصوصًا عندما تحاول الزوجة إخفاء هذه العلاقة، وتقديم نفسها كعزباء لتوثيق الزواج، ما قد يضعها تحت طائلة القانون، حيث أشار القاضي إلى أن مثل هذه الحالات قد تحمل شبهة جريمة، وتدخل ضمن اختصاص القضاء الجنائي الذي يتولى التحقيق في الجوانب المادية والمعنوية للقضية.

وتُعد هذه القصة بمثابة تحذير للأفراد بضرورة توثيق الزواج بشكل رسمي منذ البداية، لضمان حقوق جميع الأطراف، وتجنب الوقوع في مشكلات قانونية واجتماعية معقدة.

رئيس محكمة التركات بدبي:

- إنهاء تسويات ودية بين ورثة 1365 عقاراً بقيمة 10 مليارات درهم خلال 2024.

- نموذج قضائي يسرّع الإجراءات ويحافظ على ترابط الأسرة قبل أن تقسم الأموال على الورثة.


مواد متعلقة