إيلين سوزا: رحلة من بيع الحلوى إلى رائدة إعادة التدوير بالبرازيل
الخميس 17 أبريل 2025 - 07:54 ص

في مصنع لإعادة التدوير بالعاصمة البرازيلية برازيليا، تزين جدار قسم فرز البلاستيك صورة وجه ماريا كارولينا دي خيسوس، وهي كاتبة مشهورة بالمذكرات باللغة البرتغالية، ترصد تجربتها كجامعة قمامة في ساو باولو خلال خمسينات القرن الماضي.
تمت ترجمة مذكراتها التي نشرت بعنوان "غرفة الخردة" إلى الإنجليزية، وحققت مبيعات مرتفعة، حيث سلطت الضوء على الفقر، والإهمال الحكومي، والطاقة الفكرية المكبوتة بفعل عدم المساواة في أمريكا اللاتينية.
تستلهم إيلين سوزا، مديرة أكبر مركز لإعادة التدوير في البرازيل، عبارة من مذكرات خيسوس: "الجوع من صنع أولئك الذين لا يجوعون". يبلغ عمر سوزا 34 عامًا، وعرفت الجوع في سن مبكرة، وبدأت العمل في سن 8 سنوات ببيع الحلوى.
عندما بلغت 12 عامًا، تخلت عن خوفها من الخيول، وركبت أول عربة لجمع القمامة بجانب جدتها، وبدأت جمع العلب المعدنية والمواد القابلة لإعادة التدوير في شوارع برازيليا.
تقول سوزا: "كنت أخرج من المدرسة وأحمي جدتي من النفايات وزحمة السير"، مضيفة: "كنا نتجول في أنحاء برازيليا، ونجمع المواد القابلة لإعادة التدوير، خصوصاً علب الألمنيوم".
أُسس المركز الذي تديره سوزا عام 2006، ويضم 22 تعاونية تغطي مساحة 818 ألف قدم مربعة، ويعالج العاملون فيه نحو 12 ألف طن من النفايات سنويًا.
تفقد المنطقة الفيدرالية نحو 60% من المواد القابلة لإعادة التدوير بسبب سوء الإدارة. تقول سوزا: "يصل إلينا شهريًا 600 طن من النفايات بظروف صعبة"، موضحة أن اختلاط النفايات بالمواد العضوية يعقّد عملية الفرز.
تحقق التعاونيات المتخصصة نسبة إعادة تدوير تتجاوز 80%. وتمثل سوزا صورة لواقع البرازيل، حيث تشكل النساء 70% من العاملين في جمع وإعادة تدوير النفايات الصلبة.
يعتمد 800 ألف شخص في البرازيل على هذا القطاع كمصدر دخل أساسي، وجمع النفايات المنزلية لا يسهم إلا بنحو الثلث، وفق الجمعية البرازيلية للنفايات.
يعمل أكثر من 1000 شخص في المركز الذي تديره سوزا، بما فيهم والدتها وجدتها. أصبحت سوزا صوتًا بيئيًا قويًا، وجذبت انتباه الساسة بالمبادرات والتدريبات.
تقول سوزا: "في البرازيل نتوقع من جامعي القمامة إظهار العنف حين يطالبون بحقوقهم، أما أنا فقد أدركت أن الدبلوماسية شاملة". يعترف القانون البرازيلي بدور جامعي القمامة ويسعى لدمجهم اقتصادياً واجتماعياً.
تقر سوزا بواقع العاملين المتحدي، إذ لا يتجاوز دخل بعضهم الشهري 250 دولارًا، وتقول: "من يبحث عن السلام غالبًا ما تكون معدته ممتلئة".
وصلت كلمات سوزا إلى رئيس الجمهورية الذي زار المركز في 2021، واستغل تواجده لإلغاء ضرائب الأراضي على مراكز التدوير خلال جائحة "كورونا".
تخطط سوزا للتنحي عن منصبها كمديرة المركز خلال النصف الأول من العام، وتعتبر دار الحضانة والمطبخ المجتمعي من أعظم إنجازاتها.
تساهم صناعة إعادة تدوير النفايات في استقلالية العديد من النساء عن عائلاتهن، وكانت شقيقة ماريا كارولينا دي خيسوس مثالاً على ذلك.
تعتقد سوزا أن التعامل مع المخلفات العضوية أمر أساسي لضمان صحة وسلامة العاملين، وتقول: "أدركت أن معالجة النفايات الصلبة تبدأ بمعالجة النفايات العضوية".
بفضل توجيهات سوزا، لدى برازيليا نظام جمع انتقائي للنفايات يغطي نصف الأحياء ونظام لجمع النفايات من الشوارع.
الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا حاز 51% من الأصوات في الانتخابات 2022 بعد النضال حتى اللحظات الأخيرة.
اختار فريق نقل السلطة تسليم وشاح الرئاسة بأيدي الشعب، ورافق الرئيس أشخاص من جميع الأعراق والمهن، وكانت بينهم إيلين سوزا.
سوزا قدمت وشاح الرئاسة وهي ترتدي قميص الحركة الوطنية لعمال جمع النفايات، وتقول: "أردت أن أمثل الديمقراطية".
وبعد حفل التنصيب، تلقت سوزا تهديدات واضطرت للاختباء لحماية عائلتها، وبرغم هذه التحديات، تواصل مسيرتها في دعم حقوق العمال.
مواد متعلقة
المضافة حديثا
الأكثر مشاهدة اليوم