تحالف الراغبين: تحديات نقص الإرادة السياسية والدعم العسكري لأوكرانيا
الإثنين 09 يونيو 2025 - 02:16 م

قرر القادة الأوروبيون أخيراً أن يستعيدوا مصطلح "تحالف الراغبين"، الذي ارتبط بنهج الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش الابن، ليصبح شعارهم في تقديم المساعدة لأوكرانيا.
لكن، رغم الاجتماعات المتكررة التي عقدها القادة الأوروبيون لبحث الدعم لأوكرانيا، فإن اعتمادهم على هذا الشعار بدا هزلياً إلى حد كبير.
كان قادة أوروبا في السابق عاجزين عن منع الولايات المتحدة من غزو العراق، والآن يبدو أن تحالفهم الجديد يظهر مدى ضعفهم وترددهم في مساعدة أوكرانيا بشكل فعلي.
منذ فبراير الماضي، شهدت عواصم مثل باريس ولندن اجتماعات تتضمن 30 دولة لمناقشة دعم أوكرانيا بعد انسحاب الدعم الأمريكي.
وفي مايو، زار قادة بريطانيا وفرنسا وألمانيا وبولندا كييف لإقتراح وقف إطلاق نار لمدة شهر وتعهدوا بزيادة الضغط على روسيا.
لكن على أرض الواقع، لا يزال التحالف بطيئاً فيما يتعلق بتزويد أوكرانيا بالإمدادات الضرورية التي تحتاجها.
تواجه أوروبا صعوبة في تلبية مطالب أوكرانيا من الأسلحة بالسرعة المطلوبة وبتكلفة معقولة، ويبدو أن العديد من الالتزامات ستأخذ سنوات لتنفيذها.
أما العقوبات الموعودة ضد روسيا بسبب رفضها وقف إطلاق النار، فلم تتجاوز فرض المزيد من العقوبات الأوروبية على السفن التي تنقل النفط الروسي.
تواجه التحالف مشكلة كبيرة تتعلق بمسألة التزام القوات بعد وقف إطلاق النار؛ فقد كانت الخطة أصلاً تتعلق بتشكيل قوة حفظ سلام لردع أي هجمات روسية في المستقبل.
ولكن منذ طرح الفكرة، انخفض عدد القوات المقترحة من 100 ألف إلى حوالي 20 ألف جندي، ولم يعد التركيز على تواجد القوات على خطوط جبهات القتال.
بل يجري البحث في عدم تحديد من الذي سيقدم تلك القوات لحماية البنية التحتية والموانئ.
وأحد أسباب التعثر أن جيوش أوروبا تعاني من نقص في التمويل والقدرة على قيادة عمليات معقدة، ومعظمها تواجه مشكلة في توفير معدات القتال.
وقد تفاقمت هذه المشاكل بسبب الدعم السابق لأوكرانيا منذ عام 2022، مما أسفر عن استنزاف مخازن الدول الأوروبية العسكرية بالكامل.
أعلنت دول مثل رومانيا وبولندا، وهما من الداعمين البارزين لأوكرانيا، أنها لن ترسل قوات إلى هناك بسبب مخاوف داخلية تتعلق بولائها لحلف الناتو.
تعيش أوروبا اليوم في ظل عدم اليقين والشعور بعدم التزام الحكومة الأمريكية بالأمن الأوروبي، مما يجعل الدول الأقرب إلى روسيا أكثر وضوحاً في خياراتها.
أخيراً، هناك نقص في الإرادة السياسية حيث أن الأوروبيين غالباً ما يكونوا أكثر دعماً لأوكرانيا من الأمريكيين.
لكن الآراء تتفاوت بين مختلف الدول، في حين يوافق غالبية الفرنسيين على إرسال قوات إلى أوكرانيا بعد اتفاق سلام، يتردد الألمان بذلك.
أما البريطانيون فيتراوح الموقف بين الشك والتردد رغم وقف إطلاق النار المحتمل.
توجد فجوة كبيرة بين وعود القادة الأوروبيين وما يمكنهم تقديمه فعلياً، وبين توقعات شعوبهم واستعدادها لتحمل التبعات.
في الواقع، لا يوجد نقاش جاد حول مسألة نشر القوات نظرًا لأن القادة قليلي الرغبة في الاعتراف بإرسال قوات إلى أراضي كييف كخطوة لدفع روسيا للتفكير مرتين قبل أي مغامرة عسكرية في المستقبل.
يفضل الزعماء البريطانيون والفرنسيون إظهار قوتهم ودعمهم لأوكرانيا عبر الإيحاء بقدرة أوروبا على ملء الفراغ بعد تراجع الدعم الأمريكي.
لكن، بتقليلهم المستمر من حجم القوات المحتمل نشرها والإدلاء بتهديدات خاوية ضد روسيا، ظهر ضعف قادة الاتحاد الأوروبي إلى العلن.
من الأفضل التخلي عن هذه السياسات المترددة والتركيز أكثر على مجالات يمكن لأوروبا أن تحدث فرقاً حقيقياً فيها.
ينبغي على التحالف الأوروبي العمل على دعم كييف في بناء جيشها بعد الحرب وتعزيز الصناعة الدفاعية الأوروبية.
وكذلك، يجب التحضير لإعادة الإعمار في مرحلة ما بعد النزاع، وهي جوانب لعبت حتى الآن دورًا ثانوياً لكنها لا تقل أهمية.
الأهم من ذلك أن هذه الخطوات ممكنة التنفيذ فعلًا، بدلاً من الجدل العقيم حول مسائل استعراضية لا تجد طريقها إلى التنفيذ.
من المتوقع أن يكون التركيز في المستقبل على تحقيق نتائج ملموسة بدلاً من مجرد اجتماعات شكلية لن تؤدي إلى شي غير فعلي.
بقية العالم يترقب، وأوروبا بحاجة إلى بذل جهود أكثر صلابة لإثبات مدى التزامها بدعم أوكرانيا فعلياً وليس فقط علنياً.
مواد متعلقة
المضافة حديثا