الإيطاليون يختارون تأجيل الإنجاب.. وروما تشهد تزايداً في عمر السكان
الأربعاء 11 يونيو 2025 - 01:48 ص

بينما تكافح إيطاليا للتغلب على مشكلة انخفاض معدل المواليد ومعالجة الشيخوخة السكانية المتسارعة، كشف تقرير عن هجرة عدد قياسي من الشباب هرباً من سوق العمل المرهقة في البلاد. أفادت وكالة الإحصاء الوطنية الإيطالية بأن نحو 21 ألف إيطالي، تتراوح أعمارهم بين 25 و34 عاماً، هاجروا إلى الخارج في عام 2023، بزيادة قدرها 21% على العام السابق، مسجلين رقمًا قياسيًا جديدًا في أعداد المغادرين.
ذكرت وكالة حكومية معنية بالشيخوخة أن إيطاليا تتقدم في السن بينما يؤجل الإيطاليون الإنجاب. أكثر من نصف المهاجرين يحملون شهادات جامعية، مما يتسبب في هجرة الأدمغة قد تضعف مساعي إيطاليا لتطوير اقتصادها.
وفقاً لأرقام وكالة الإحصاء الإيطالية، غادر أكثر من مليون إيطالي البلاد خلال الفترة من 2014 إلى 2023، من بينهم 367 ألف شاب، منهم 146 ألف خريج جامعي.
تقول إيرين فاري (21 عاماً)، التي تعتزم دراسة الماجستير في التنمية الدولية في البرتغال هذا العام بعد تخرجها من جامعة إيطالية: جميع الأصدقاء يعيشون في الخارج لأن العثور على عمل في إيطاليا أكثر صعوبة وفرص إيجاد بيئة عمل شابة وديناميكية أقل.
الوجهة الرئيسية للخريجين الشباب الإيطاليين هي ألمانيا، حيث توجه إليها 3000 خريج في عام 2023، تليها المملكة المتحدة بـ2400 خريج، ثم سويسرا بـ2300 خريج، وإسبانيا بـ1900 خريج.
ويُقوّض هذا النزوح خطة رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني لتعزيز اقتصاد البلاد، الذي نما بنسبة 0.7% فقط العام الماضي، وهو أقل بكثير من معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي البالغ 3.2% في إسبانيا.
تشهد إسبانيا طفرة اقتصادية بعد جائحة كوفيد-19، في حين أن إيطاليا ليست في وضع يسمح لها بفقدان الخريجين، إذ يبلغ معدل الالتحاق بالجامعات فيها 21.6% وهو يقارب نصف معدل إسبانيا وفرنسا.
أشارت ميلوني إلى نمو معدل التوظيف بنسبة 1.5% في إيطاليا العام الماضي، ما يعني دخول 352 ألف شخص إضافي إلى سوق العمل، ومع ذلك، جادل النقاد بأن العديد من الوظائف الجديدة كان من نصيب من تجاوزوا الـ50 من العمر، مع استبعاد الشباب.
أفادت وكالة الإحصاء الإيطالية بأنه على الرغم من النمو الاقتصادي المحدود، فإنه يقرب ربع السكان من خطر الفقر أو التهميش الاجتماعي في إيطاليا، وأن المناطق الجنوبية الفقيرة تقليدياً في البلاد هي الأكثر عرضة للخطر.
مع انخفاض عدد المواليد مجددًا إلى 370 ألفًا العام الماضي، وهو أكثر بقليل من نصف عدد الوفيات، فإن نحو ربع السكان الآن في سن 65 عامًا أو أكثر، وفقًا للبيانات من المعهد الوطني للإحصاء.
وأضاف التقرير أن لأول مرة يفوق عدد من تزيد أعمارهم على 80 عامًا عدد الأطفال دون سن الـ10 سنوات. يعيش ثلثا الشباب في الفئة العمرية من 18 إلى 34 عامًا مع والديهم.
صرحت صحيفة كورييري ديلا سيرا الإيطالية اليومية الرائدة بأنه لا يوجد شيء إيجابي يمكن العثور عليه في تقرير معهد الإحصاء لهذا العام على الرغم من أننا بذلنا جهدًا في البحث عنه.
تواجه حملة ميلوني لتعزيز معدل المواليد في إيطاليا صعوبات، حيث تظهر إحصاءات جديدة أن معدلات المواليد تتراجع إلى مستويات قياسية منخفضة، مع تأجيل الإيطاليين للإنجاب، ولم يعد المهاجرون يشكلون نسبة كبيرة من السكان.
باستثناء المواليد لأبوين مولودين في الخارج، فإن معدل الخصوبة للأزواج الإيطاليين أقل، حيث يبلغ 1.14 وفقًا لمعهد الإحصاء الإيطالي، ومع أن المهاجرين أسهموا في تعزيز معدل المواليد تاريخيًا، إلا أن نسبة الأطفال المولودين لأبوين غير إيطاليين تبلغ 13.5% من إجمالي المواليد العام الماضي.
لكن حتى المهاجرين صاروا ينجبون عددًا أقل من الأطفال، فقد انخفض الإجمالي العام الماضي بنسبة 35.6% عن عام 2012. مع إنجاب العديد من النساء في إيطاليا لأولادهن الأول في الثلاثينات من العمر، فإن الأزواج يؤجلون تكوين أسرة بسبب صعوبة إيجاد عمل مستقر وسكن.
يقول أحد الخبراء في المجال السكاني، إن كلفة إعالة الطفل من الولادة حتى 18 عامًا تبلغ اليوم 178 ألف يورو، ومن يستطيع تحمل التكاليف يشاهد أطفاله يهاجرون غالبًا لإثراء الناتج المحلي الإجمالي لدول أخرى.
يقول رئيس "لونجيفا الإيطالية"، روبرتو بيرنابي إن الوقت قد فات للتركيز على المواليد، ويضيف أن العودة إلى متوسط إنجاب طفلين ستستغرق جيلين كاملين، وفي نفس الوقت، تتقدم إيطاليا في السن حيث يبلغ عدد من تجاوزوا الـ90 عامًا مليون شخص من أصل 59 مليون نسمة.
يتابع بأن عدد من تجاوزوا الـ100 عامًا قفز من 20 ألفًا العام الماضي إلى 22 ألفًا العام الجاري 2025. ويختم تعليقه بتفاؤل حيث يقول إننا نتمتع الآن بصحة جيدة تراوح بين 20 و30 عامًا إضافية، ويدعو لاستغلال هذه السنوات لتعويض خسارة الناتج المحلي الإجمالي الناجمة عن نقص الشباب.
تبرعوا بـ100 مليون يورو لإطلاق 100 شركة ناشئة لمن تجاوزوا الـ65 من العمر، مشيرًا إلى أن هذا الأمر سهل وسترى النتائج غداً.
مواد متعلقة
المضافة حديثا