اليوم في سوريا: عودة الفواكه المنسية إلى الأسواق
الإثنين 09 يونيو 2025 - 07:07 ص

فوق رفوف خشبية صغيرة في سوق الشعلان في وسط دمشق، تصطف حبّات المانغو والكيوي والأناناس بألوانها الزاهية، في مشهد لم يعتده السوريون منذ فترة طويلة. كانت هذه الفواكه تصنف من السلع الكمالية وتُعتبر نادرة.
أمام محل مروان أبو هايلة الذي يبلغ من العمر 46 عاماً، يُعرض الأناناس بين الفاكهة الأخرى. يقول أبو هايلة: لم نعد نخفي الأناناس، نضعه اليوم على الواجهة بكل فخر. زمن الخوف من الفاكهة الاستوائية انتهى.
يوضح مروان بابتسامة عريضة: الأناناس والكيوي والمانغو، كانت أسعارها مرتفعة جداً، كنا نحصل عليها عن طريق طرق التهريب المختلفة.
كانت الفواكه الاستوائية تُعتبر رمزاً للرفاهية في سوريا، وكانت السلطات تعتبرها من الكماليات الممنوعة. كانت تمنع استيرادها لتقليل فاتورة الاستيراد ودعم الإنتاج المحلي. كل من يبيعها كان يتعرض لعقوبات مالية أو حتى السجن.
التجار كانوا يجدون طرقاً لجلب الفواكه عبر التهريب، وكانوا يستخدمون السائقين كما يفعلون مع البنزين والمازوت الذين يتم تهريبهما من لبنان المجاور بسبب الأزمة الاقتصادية القاسية والعقوبات.
أحياناً كانت الفواكه تُخبأ داخل محرك السيارة وبكميات قليلة. العام الماضي كان كيلوغرام الأناناس يكلف 300 ألف ليرة، الآن انخفض إلى 40 ألفاً وهو سعر مناسب للجميع.
الزبائن باتوا يعاينون الفواكه الناضجة تحت الشمس، فالسعر بات مشابهاً لسعر البطاطا والبصل، الخضار الشائعة في سوريا.
الباعة والزبائن يربطون هذا التواجد بالتحولات السياسية التي حصلت في البلد منذ وصول السلطة الجديدة في الثامن من ديسمبر بعد الإطاحة بالنظام السابق، مما سمح بوصول سلع جديدة ومتنوعة.
كان التعامل بالدولار أو حتى ذكر اسمه ممنوعاً ويُعاقب قانونياً، الآن بات متاحاً في كل مكان، والسيارات الحديثة تجوب الشوارع والوقود متوفر.
يقول أحمد الحارث البائع، أن أسعار الفواكه انهارت بعد سقوط النظام، وأصبحت هذه الفواكه متاحة للسوريين بأسعار مقبولة بعدما كانت نادرة جداً.
قبل انهيار النظام، كانت دوريات الجمارك والأمن تداهم المحال التي تبيع هذه الفاكهة والخوف يسيطر على الباعة الذين اضطروا لبيعها سراً.
تشير طالبة الطب نور عبد الجبار، إلى أنها كانت تشاهد الفواكه الاستوائية فقط على التلفزيون، وتضيف مازحة: الأناناس هو حق للجميع، حتى لو لم يعلم بعضهم كيفية تقشيره.
لكن الحرب التي بدأت منذ العام 2011 ألقت بظلالها وخلقت واقعاً اقتصادياً صعباً حيث 90% من السوريين تحت خط الفقر، مما يجعل هذه الفاكهة كماليات بحتة.
تعترف إلهام أمين، ربة منزل، أنها تجد الواجهات جميلة وملونة وتغري الزبائن، لكنها لا تستطيع شراء الفواكه لأطفالها لخوفها من إثارة شهيتهم لتلك الكماليات.
وتضيف إلهام: الأوضاع المعيشية صعبة للغاية، وحتى لو أن الفواكه الاستوائية باتت متوفرة، فهي تبقى كماليات بالنسبة لعائلتنا.
مواد متعلقة
المضافة حديثا