مارين لوبان وحزبها يمهدان الطريق للسلطة في فرنسا

الأحد 07 سبتمبر 2025 - 12:52 ص

مارين لوبان وحزبها يمهدان الطريق للسلطة في فرنسا

منى شاهين

إذا كان رئيس الوزراء الفرنسي، فرانسوا بايرو، قد كان يأمل في تفادي تأثير زعيمة اليمين المتطرف، مارين لوبان، في زعزعة الحكومة الفرنسية بعد استبعادها من الترشح للمناصب السياسية، فإنه أخطأ التقدير بشكل كبير.

لوبان وحزبها، التجمع الوطني، يتصدرون استطلاعات الرأي في فرنسا، ويبدو أنهم سيؤثرون بشدة في إسقاط بايرو خلال تصويت حجب الثقة في الثامن من سبتمبر الجاري. لوبان وحزبها يسعون لاستغلال الأزمة السياسية المتفاقمة للدفع بإجراء انتخابات برلمانية جديدة واستقالة الرئيس إيمانويل ماكرون.

بسبب الضغط على الميزانية البالغ 43.8 مليار يورو، الذي لم يحظ بشعبية كبيرة، راهن بايرو وماكرون على أن لوبان ستنضم إلى التصويت، عندما دعوا إلى حجب الثقة الأسبوع الماضي، باعتبارها زعيمة أكبر حزب معارض في الجمعية الوطنية.

كان لهذا الرهان بعض المنطق، فبما أن لوبان ممنوعة من الترشح للانتخابات بسبب إدانتها بالاختلاس، وهو حكم لا يقبل الاستئناف، فلماذا تخاطر بمقعدها البرلماني وتسبب احتمال إجراء انتخابات؟ ألا تفضل تحميل معسكر ماكرون مسؤولية التخفيضات المالية المؤلمة؟

لكن لوبان نظرت للأمر بشكل مختلف، وبعد إعلان تصويت الثقة بساعة تقريباً، تعهدت بتعبئة قواتها للإطاحة ببايرو، وألقت باللوم على حكم ماكرون المستمر لثماني سنوات في تهديد بقاء فرنسا. وصرحت على وسائل التواصل الاجتماعي بأن حل الحكومة هو الطريقة الوحيدة لتمكين الشعب الفرنسي من اختيار مصيره.

هذا التصريح قوض أية تكهنات حول احتمالية وجود صفقة بين بايرو ولوبان. وأكد نائب عن التجمع الوطني أن اتجاه لوبان كان واضحاً منذ البداية، وقال إن بايرو كان مخطئاً في فهمه لطبيعة لوبان.

فيما كان يفترض الكثيرون أن بايرو اختبر موقف لوبان قبل التصويت، كان من الصعب عليه تفسير سبب عدم اتخاذه تلك الخطوة. في محاولة غير مقنعة، قال في مقابلة إنه لم يتمكن من ذلك بسبب غياب قادة المعارضة في الإجازات، بينما أكدت لوبان أنها لم تتوقف عن العمل خلال الصيف.

أعلنت الأحزاب اليسارية فوراً أنها ستصوت ضد بايرو، مما يضع حكومته في موقف حرج، ما لم يحدث تغييرات كبيرة في موقف المشرعين.

من المتوقع أن تلتقي لوبان ونائبها، جوردان بارديلا، مع بايرو قريباً. لكن الإشارات الصادرة عن حزب التجمع الوطني تشير إلى أن الاتفاق بين الجانبين غير مرجح.

في حالة سقوط بايرو، يواجه ماكرون خيارات قليلة للغاية لاختيار خليفته، رغم شائعات تشير إلى أن وزير القوات المسلحة سيباستيان ليكورنو قد يكون خليفته المحتمل.

عقب خطاب بايرو، أظهر استطلاع للرأي أن 63% من المشاركين يؤيدون العودة إلى صناديق الاقتراع، ووصلت النسبة إلى 86% بين ناخبي التجمع الوطني.

رغم ذلك، تشير الاستطلاعات أيضاً إلى أن الانتخابات الجديدة قد تسفر عن برلمان معلق آخر. ولا يزال من غير الواضح ما إذا كان ماكرون سينادي بإجراء انتخابات جديدة فعلاً.

في حين يواجه بارديلا تحديات قانونية، دعا ماكرون مراراً للتنحي رغم مشاكله القانونية. لاتزال لوبان تسيطر على استراتيجيات الحزب التواصلية، محاولين تحسينها بعد أخطاء سابقة.

إحدى النظريات تشير إلى أن لوبان قد قبلت بأنها لن تتمكن من الترشح للرئاسة قريباً، وتدرس إمكانية أن يختارها بارديلا كرئيسة للوزراء إذا ترشح للرئاسة وفاز.

في حالة إجراء انتخابات جديدة، تخطط لوبان لاستخدام كل الوسائل المتاحة لخوضها، وبدأت بالفعل استشارة محامين وخبراء قانونيين حول استراتيجيتها.

كما يبحث كبار مساعدي لوبان عن مسارات قانونية للطعن في حظرها الانتخابي أمام المحكمة الدستورية سعياً لتمكينها من الترشح.

مع حظر المحاكم الفرنسية للوبان من الترشح للرئاسة عام 2027، يظل السؤال حول من سيقود حكومة حزب التجمع الوطني إن وصلت إلى السلطة.

رغم اختلافات الدوافع والأولويات بين لوبان وبارديلا، الا أنها تبدو متوافقة، حيث تحتاج لوبان لاستدامة نهجها اقتصادياً بينما يضيف بارديلا جانباً من الواقعية الاقتصادية.

يسعى حزب التجمع الوطني لتقديم مزيج من الكفاءات، مع لوبان الشخصية المخضرمة وبارديلا الشاب الإصلاحي، كحل لمشكلات فرنسا المزمنة الاقتصادية والسياسية.

في حال تولي التجمع الوطني الحكم، يأملون في إعادة اختراع فرنسا بمزيج من سياسات لوبان وبارديلا الاقتصادية المأمولة.


مواد متعلقة