البرازيل تحاكم بولسونارو: مواجهة مع ترامب وظلال الماضي الاستبدادي
الأحد 07 سبتمبر 2025 - 02:08 م

كانت البرازيل منذ نشأتها تعاني من شبح الحكم الاستبدادي، وشهدت العديد من محاولات الانقلاب، وقد مرت بفترات طويلة من الحكم الديكتاتوري. ومع ذلك، لم يتعرض أي شخصية عسكرية أو سياسية في البرازيل للمحاكمة بتهمة تدمير إرادة الشعب حتى الآن.
الرئيس السابق جايير بولسونارو، أشهر شخصية محافظة في البرازيل، مثل أمام المحكمة الأسبوع الماضي بتهمة محاولة استخدام القوة العسكرية للإطاحة بالديمقراطية عقب خسارته في الانتخابات الرئاسية عام 2022 لصالح منافسه لويس أناسيو دا سيلفا.
إلى جانب بولسونارو، هناك أيضاً عدد من العسكريين المتورطين في القضية، بينهم أدميرال وثلاثة جنرالات وآخر برتبة فريق. المؤرخون يعتبرون هذه القضايا الجنائية تحولاً مهماً في دولة اعتادت على المصالحة عوضاً عن المحاكمات للجرائم المزعومة ضد الديمقراطية.
يرى كارلوس فيكو، المؤرخ بجامعة ريودي جانيرو الفيدرالية، أن هذه المحاكمات ستكون مختلفة عن المحاولات السابقة التي دائماً ما انتهت بالعفو أو الحصانة. قضية بولسونارو تعيد إثارة الانقسام بين البرازيل والولايات المتحدة.
رئيس الولايات المتحدة السابق، دونالد ترامب، والذي يعتبر حليفاً مقرباً من بولسونارو، وصف المحاكمة بأنها غير عادلة، واستخدم النفوذ المالي والدبلوماسي لأميركا في محاولة لتغيير نهج البرازيل.
ترامب فرض رسوماً جمركية عالية على الواردات البرازيلية، وعوقب قاضي المحكمة العليا ألكسندر دي مورايس مستخدماً قوانين مخصصة للانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان.
بدلاً من التراجع، زادت البرازيل من الضغوط على بولسونارو وحلفائه، حيث أوصت الشرطة الفيدرالية بتوجيه اتهامات إضافية لبولسونارو وابنه بسبب تدخلهم في القضاء.
أمر القاضي مورايس بوضع بولسونارو رهن الإقامة الجبرية، مصرحاً للواشنطن بوست بأن البرازيل لن تخضع للضغوط وستظل دولة مستقلة.
الحكومة البرازيلية تتحدث عن مؤامرة واسعة للإطاحة بالنظام الديمقراطي شملت العديد من المشاركين داخل وخارج البلاد، وبدأت في عام 2021 مع حملة بولسونارو لإضعاف ثقة الجمهور في النظام الانتخابي. المحاكمة يمكن أن تنتهي في أقل من أسبوعين حيث تم استعراض الأدلة بالفعل.
البرازيل شهدت محاولات انقلاب عديدة في تاريخها، نجح العديد منها باستخدام القوة العسكرية بدايةً من عام 1889 عندما أطيح بالملك البرازيلي بالأيدي العسكرية المسلحة.
انقلاب 1964 أدى إلى حكم عسكري دام 21 عاماً، حيث بررت القيادة العسكرية استيلاءها على السلطة بالدفاع عن الوطن من الشيوعية، والنتيجة كانت قمع واسع النطاق على مستوى البلاد.
بينما اشترعت كل من تشيلي والأرجنتين محاكمات للمسؤولين عن الجرائم في عهد الحكم العسكري، أصدرت البرازيل قانون العفو الذي حال دون محاكمات مماثلة. البرازيل تحملت صمتاً مزدوجاً إزاء العبودية والجيش.
بدأت البرازيل في وضع تشريعات لمنع عودة النظام الاستبدادي بعد سقوط آخر ديكتاتور، واليوم تشكل هذه القوانين التي تحظر التصريحات المعادية للديمقراطية أساس المحاكمات ضد بولسونارو والمتآمرين.
التطبيق الصارم لهذه القوانين أثار انتقادات من قبل قادة اليمين، الذين اتهموا النظام القضائي في البرازيل بالرقابة غير القانونية. ومع ذلك، يرى معظم البرازيليين بولسونارو مذنباً ويؤيدون وضعه رهن الإقامة الجبرية.
لاحظت الباحثة إيسثر سولانو أن الحركة الدعمة لبولسونارو بدأت تتراجع، مشيرةً إلى أنه انتهى سياسياً وقد يسجن. بغض النظر عن نتيجة المحاكمة، يتوقع الباحثون أن اليمين سيظل قوة مؤثرة في البرازيل.
وفق استطلاع رأي أجري في ديسمبر الماضي، قال 69% من البرازيليين إنهم يدعمون النظام الديمقراطي، بينما فضل 8% النظام الديكتاتوري، في حين أن 17% لا يرون فرقاً بين النظامين.
مواد متعلقة
المضافة حديثا