تحالف جديد بين البرازيل وإندونيسيا يعيد تشكيل اقتصاد دول الجنوب

الثلاثاء 28 أكتوبر 2025 - 04:41 ص

تحالف جديد بين البرازيل وإندونيسيا يعيد تشكيل اقتصاد دول الجنوب

ناصر البادى

استحوذ الرئيس البرازيلي، لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، على اهتمام الإعلام في جاكرتا في الآونة الأخيرة، وذلك أثناء زيارته للرئيس الإندونيسي برابوو سوبيانتو. جاءت الزيارة في إطار رسمي، حيث تم التطرق إلى مواضيع اقتصادية وصناعية واستراتيجية مهمة.

على مدى يومين من الزيارة، تم توقيع ثماني مذكرات تفاهم بلغت قيمتها حوالي ستة مليارات دولار. شملت تلك المذكرات مجالات التجارة والمعادن الحيوية والدفاع والزراعة، وهو ما يعكس تزايد التحالفات بين دول الجنوب ويسهم في تشكيل شراكة جديدة بين اقتصادين ناشئين.

ورغم أن الزيارة كانت تبدو رسمية في ظاهرها، إلا أن جوهرها كان ينطوي على بعد استراتيجي هام في ظل عالم يتجه نحو التعددية القطبية. تبرز الأهمية في سعي البرازيل لتعزيز علاقاتها في آسيا، بينما تتطلع إندونيسيا لجذب استثمارات لخلق فرص عمل محلية.

ركز اللقاء بين الرئيسين على ثلاثة محاور رئيسية: إعادة هيكلة التجارة عبر تعميق الوصول للأسواق، التعاون الصناعي في قطاعي المعادن والدفاع، والبعد الجيوسياسي من خلال التعاون بين أعضاء دول البريكس.

اختيار جاكرتا كمحطة أولى للرئيس البرازيلي يعكس أهميتها كأكبر اقتصاد في جنوب شرق آسيا ومحور دبلوماسي تسعى القوى العالمية للتقرب إليه للوصول إلى أسواق المنطقة.

من الناحية البرازيلية، يوفر التعاون مع إندونيسيا فرصاً اقتصادية أوسع في المنطقة تقارن بأي اتفاقيات ثنائية مع أستراليا، خصوصاً بعد انضمام إندونيسيا إلى مجموعة دول البريكس وتعاونها مع بنك التنمية الجديد.

اللقاء يوفر فرصاً جديدة للتمويل والمشروعات الصناعية المشتركة، حيث أن التعاون المشترك لا يقتصر فقط على الجانب الاقتصادي بل يشمل أيضاً نقل التكنولوجيا والإنتاج المشترك.

البرازيل وإندونيسيا تسعيان إلى توسيع فرص التعاون بعيداً عن النفوذ الأمريكي الصيني المتنافس، بتكوين شراكات جديدة في ظل عالم متعدد الأقطاب مجال الدبلوماسية ويظهر مدى القدرة على بناء شراكات قوية بعيدة عن التحالفات التقليدية.

تضمنت مذكرات التفاهم الموقعة مواضيع الطاقة والتعدين وخطط للتعاون في الصناعات الدفاعية. تحول هذه التفاهمات إلى مشروعات قابلة للتنفيذ قد يخلق فرصاً جديدة ويقلل من الاختناقات الصناعية.

الاختبار الحقيقي لهذه الشراكات يكمن في القدرة على تنفيذ العقود وتحويلها إلى استثمارات ومشروعات ملموسة في مجالات مثل معالجة النيكل وصناعة البطاريات.

دعم مؤسسات مثل بنك التنمية الجديد وغيره من مؤسسات البريكس يمكن أن يوفر دعمًا مؤسسياً وعمقًا للتمويل وحماية من الضغوط المالية الغربية، وهو ما سيكون مؤشراً على جدية التنفيذ.

قرارات التمويل وتفاصيل العقود من بنود نقل التكنولوجيا ومتطلبات المحتوى المحلي هي التي ستحدد مدى نجاح الشراكة والفائدة التي ستظل داخل إندونيسيا.

تمكنت إندونيسيا من تحويل مذكرات تفاهم إلى استثمارات فعالة مع شركات مثل إل جي وهيونداي، مما يثبت أن تحويل التفاهمات إلى مصانع ممكن عند توافر السياسات المناسبة.

يتماشى هذا مع محاولة إندونيسيا والبرازيل لتكوين شراكات مرنة بهدف تحقيق الاستقلال الصناعي بدلاً من الارتهان لمحاور اقتصادية محددة.

إذا لم تترجم هذه الاتفاقيات إلى واقع ملموس، قد تظل زيارة لولا رمزية الطابع وقد تواجه الشراكة الإندونيسية البرازيلية تحديات في استدامة التعاون الصناعي.

أستراليا عليها أن تراجع عروضها الاقتصادية وتطور نقاط قوتها لمواجهة الديناميكية البرازيلية الإندونيسية برؤية للحصول على صفقات أفضل في إندونيسيا.

زيارة لولا لجاكرتا لها أهمية دبلوماسية واستراتيجية كخطوة لتعزيز العلاقات الصناعية بين أمريكا اللاتينية وجنوب شرق آسيا وتحقيق التكامل الصناعي والتعاون البناء.

البرازيل تسعى لإقامة شراكات جديدة ومتنوعة في القارة الآسيوية، بينما ترغب إندونيسيا في استقطاب استثمارات صناعية لخلق فرص عمل محلية تعزز من الاقتصاد المحلي.


مواد متعلقة