هدايا الزملاء: من رمزية المحبة إلى عقد اجتماعي محرج
الأربعاء 19 نوفمبر 2025 - 01:07 ص
تحولت تقديم الهدايا بين الزملاء في العمل إلى عادة اجتماعية تُظهر المحبة والتقدير المتبادل، لكنها أصبحت عبئاً مادياً يتكرر مع ازدياد المناسبات وارتفاع أسعار الهدايا، خاصة تلك التي تأتي من العلامات التجارية العالمية. وأفاد الموظفون في المؤسسات الحكومية والخاصة أن فكرة الفرح الجماعي بدأت بعفوية وتشجيع مشاركة مناسبات الزملاء السعيدة، لكن الأمر أصبح يشبه الالتزام، مما يضع أصحاب الدخل المنخفض في موقف محرج بسبب المبالغة في قيمة المساهمات المتكررة.
أشار بعض الموظفين إلى عدم وضع سقف معين للمساهمات، لكنهم يشعرون بالضغط، خاصة عندما تتحول الهدية إلى وسيلة للمقارنة أو الفخر، بدلاً من أن تكون رمزاً للتقدير والمشاركة. وأوضحت دانة أحمد، موظفة حكومية، أنها لا تعارض تبادل الهدايا بين الزملاء، ولكن تكرار المناسبات وارتفاع الأسعار يمثل عبئًا على بعض الموظفين.
وقالت إنه في مناسبات معينة تبدو المبالغ المطلوبة مفيدة للزملاء وخاصة الاحتفالات لفراق موظف للمؤسسة، إلا أنه أحيانًا يصبح الدفع إلزاميًا مما يسب إحراجًا. أوضحت أن الهدايا كانت سابقًا رمزية بينما اليوم تصل قيمتها لآلاف الدراهم، وقد يتراوح نصيب الموظف بين 200 و500 درهم.
وفي يوم ميلادها، تحصل على هدايا فاخرة من الزميلات وتشعر بالامتنان، لكنها تجد نفسها مضطرة إلى مقابلة المستوى نفسه أو أكبر حتى لو لم تكن ظروفها تسمح بذلك. وقالت موظفة خاصة مفضلة عدم ذكر اسمها، إن الرجال لا يُستثنون من المشاركة في دفع قيمة الهدايا، خاصة في مناسبات الترقية أو التقاعد أو العودة من إجازة علاج ويُمكن أن تتجاوز 1200 درهم، وتزداد صعوبة عندما تكون هناك مناسبات متعددة في نفس الشهر.
تشارك الزميلة بوجهة نظرها بأن الأمر لا ينحصر في الهدايا، بل يشمل أحيانًا غداء احتفالي، حيث تخصم المال من رواتبهم وقد يفضّل البعض الغياب عن المناسبة لتجنب الإحراج. أشارت إلى أن قيمة الإسهام تتأثر بعدد المشاركين في المجموعة؛ كلما قل عدد المشاركين زادت المساهمة. أما موظفة القطاع الحكومي، شيخة الزحمي، ترى أن هناك على الرغم من الإيجابية الروحية لهذه الممارسات، إلا أنها تسبب حساسية غير مريحة في بيئة العمل وتفيد بأن بعض الموظفات يرفضن تلقي الهدايا بصراحة ويفضلن تقديم الهدايا فقط للمقربين.
وأفادت دانة أحمد، موظفة حكومية، بأن مؤسستها تحترم تعزيز بيئة عمل إيجابية، لكنها في الوقت ذاته تضع ضوابط واضحة مثل الامتناع عن قبول الهدايا التي قد تفسر كنوع من الرشوة مؤكدة أن التهادُي بين الزملاء يجب أن يأتي من دافع الوعي، وعدم إجبار أي شخص على المشاركة.
وأوضحت الموظفة أنهم يجمعون مبالغ تصل إلى 500 درهم لشراء حقائب فاخرة في أعياد الميلاد، ولكنها تؤكد أن عدم وجود اجبار يترك حرية التقدير لكل موظف بحسب استطاعته وتوضح بأن منسق الهدية عادةً ما يكون قريبًا من الشخص المعني مما يخلق حساسية بين الزملاء.
موضحة أن تبادل الهدايا بين الموظفين هو امتداد طبيعي للثقافة الإماراتية القائمة على الترابط والمرح، فهو تعبير عن الحب والاحترام بعيدًا عن القيمة المادية. وترى أن هذا السلوك أسس أصلاً في المجتمعات الأسرية وانتقل بحكمة وتقدير إلى بيئة العمل ويجب أن يحافظ مزاياه.
وشددت د. ليلى حبيب البلوشي على ضرورة تحقيق التوازن بين روح الكرم الإماراتي ومساهمة الزملاء، مع الحفاظ على القيمة المعنوية لتبادل الهدايا. أشارت إلى ضرورة عدم الإفراط في تكرار المناسبات وجمعها في احتفالية موحدة، بالإضافة إلى الإبقاء على رمزية الهدية للحفاظ على بيئة عمل إيجابية وفعالة مع تجنب المنافسة السلبية أو التباهي.
وأخيرًا، حذرت من أن هذا النوع من السلوكيات قد يسبب عزلة اجتماعية أو خلافات داخل المؤسسة، وضرورة أن تظل الهدية رمزية تعبر عن التقدير، دون التأثير على القدرة المالية للموظف، والتأكيد على أن الاعتذار عن المشاركة يجب أن يكون مقبولا تقديرًا للظروف الفردية.
مواد متعلقة
المضافة حديثا