الصين تسعى لجعل اليوان الخيار المفضل بدلاً من الدولار عالمياً

الثلاثاء 27 مايو 2025 - 12:27 ص

الصين تسعى لجعل اليوان الخيار المفضل بدلاً من الدولار عالمياً

منى شاهين

كانت الصين قد وعدت في وقت سابق من مايو بقروض بقيمة 9.2 مليارات دولار لقادة أميركا اللاتينية خلال اجتماعهم في بكين، وهو ليس بالأمر الجديد، ولكن ما يثير الفضول هو نيتها تقديم هذه القروض بعملتها الخاصة، اليوان الصيني، بدلاً من الدولار الأميركي المعتاد، الذي لطالما كان العملة الرئيسية في اجتماعات المنتدى الإقليمي السابقة.

يثير هذا التوجه تساؤلات حول مدى استجابة البلدان للاقتراض باليوان، الذي لا يزال عملة صعبة التحويل، بعكس اليورو الذي لم ينجح كثيراً في الاستفادة من انخفاض الدولار مؤخراً.

تسعى الصين لتعزيز مكانتها الاقتصادية الدولية من خلال تدويل عملتها. على مدار 15 عاماً على الأقل، عملت الصين على تطوير بنية تحتية قوية لدعم هذا الجهد، بما في ذلك نظام دفع عبر الحدود لمنافسة نظام "سويفت" ومنصة لتبادل العملات الرقمية للبنوك المركزية. ومع ذلك، تبقى العبرة في من سيستخدم اليوان أو يشتريه في نهاية المطاف.

تستهدف الصين تعزيز الاقبال على اليوان من خلال الإقراض. أظهرت دراسة حديثة لمجلس الاحتياطي الفيدرالي أن نسبة قروض الصين الخارجية باليوان ارتفعت من 15% عام 2021 إلى نحو 40% في عام 2024، على الرغم من تركيزها بشكل رئيسي على آسيا. لذا، قد تجد الصين راغبين في الاقتراض بعملتها في أميركا اللاتينية أيضاً.

يعد اللجوء إلى اليوان بديلاً للدولار في الائتمان إشارة إلى تحول استراتيجي من الصين لتقليل الاعتماد على الدولار الأميركي في التجارة العالمية. وأوضح المؤسس المشارك لمشروع الجنوب العالمي، إريك أورلاندر، أن الصين تعقد المزيد من الصفقات باليوان، ما يسهل على البلدان المقترضة التعامل بالرنمينبي بدلاً من الدولار.

مع تزايد التوترات التجارية على الصعيد العالمي، تسعى الصين لبناء شراكات في أمريكا اللاتينية من خلال الائتمان باليوان وتسهيلات السفر بدون تأشيرة، وتلك الإجراءات لا تعكس فقط نفوذ الصين الاقتصادي المتزايد في المنطقة التي تعتبرها الولايات المتحدة ساحة خلفية لها، بل تظهر أيضًا طموحات الصين الجيوسياسية في تأسيس طرق بديلة للدبلوماسية تتجاوز فيها نظام الدولار.

لكن اعتماد الدول على الديون لزيادة استخدام اليوان له حدود. تواجه العديد من دول أميركا اللاتينية خطر التخلف عن سداد الديون للمرة الأولى منذ عقود، مما يجعل جاذبية القروض الصينية لشراء منتجات وخدمات صينية محدودة.

وتشير تقارير البنك الدولي لعام 2024 إلى أن الاقتصادات النامية لم تعد تواجه أزمة سيولة كما في أوقات سابقة، بل تظهر قدرتها على الاقتراض من الأسواق التجارية، مما يعني أن لديها خيارات.

تعتبر ضوابط رأس المال في الصين عقبة رئيسية في وجه تدويل اليوان. تخشى الصين فتح حساباتها الرأسمالية لتجنب تكرار تجارب اليابان في الثمانينات وكوريا الجنوبية في التسعينات. ومع ذلك، فإنها تأمل في إقناع العالم باستخدام اليوان عن طريق ضمان استقرار قيمته، وهو تحدٍ كبير في ظل التوترات الحالية مع الولايات المتحدة.

إلى جانب ذلك، تشير المعلومات عن احتياطات اليوان إلى أن العالم لا يزال يفضل عملات أخرى، ما يدل على أن الصين تحتاج إلى مزيد من الجهود لزيادة استخدام اليوان على المستوى العالمي.

حتى المؤيدين لسياسات الصين لم يدمجوا اليوان بشكل كبير في احتياطاتهم، باستثناء روسيا التي اضطرّت إلى استخدام اليوان بشكل كبير بسبب العقوبات التي تواجهها، ومع ذلك، فإن تحويل اليوان إلى الدولار بسرعة كافية لا يزال تحدياً أمامها.

في الواقع، تظل معظم الفواتير التجارية واحتياطات الدول بالدولار الأميركي، وهو ما يزيد من صعوبة تحول العالم سريعاً لاستخدام اليوان دون أن تخفف الصين القيود على رأس المال بشكل كبير.

عندما تتساءل الصين حول عدد الدولارات التي ستخصصها لأميركا اللاتينية في المستقبل، سيكون من المثير متابعة ما إذا كان شحن 9.2 مليارات دولار باليوان هو بداية لتغيير هذه السياسة في الاجتماعات المقبلة مع قادة أميركا اللاتينية.

وفي الختام، يبدو أن الصين تتطلع لتعزيز مكانة اليوان كعملة قيادية على الساحة الدولية. قد تكون قروض أميركا اللاتينية بداية جيدة لذلك، ولكن هذا الطموح يواجه تحديات جدية.

علاوة على ذلك، ليست الصين وحدها في محاولاتها، فالفرنسيون حاولوا سابقاً منذ الستينات والسبعينات للحد من هيمنة الدولار، لكنهم لم يحققوا نجاحاً كبيراً سوى بزيادة متواضعة في حصص اليورو.

الحقيقة أن حصص اليورو من الاحتياطات العالمية ارتفعت ببطء، والصين حققت مكاسب ضئيلة مقارنة بالتطلعات العالمية لليوان، مما يوحي بالصعوبات التي تواجه كافة التجارب للتخفيف من هيمنة الدولار.


مواد متعلقة