حضانة الفريج: تجربة تعليمية بأصالة البيئة والتراث المحلي

الأحد 03 أغسطس 2025 - 02:41 ص

حضانة الفريج: تجربة تعليمية بأصالة البيئة والتراث المحلي

عبد الله الغافرى

يقع مركز أم الشيف الثقافي الإسلامي في قلب الإمارة، ويضم حضانة «الفريج» التي تعتبر انعكاساً للثقافة والتراث الإماراتي. تأخذ الحضانة اسمها من تقليد قديم في المجتمع الإماراتي، وتشمل مرافقها أسماء تعبر عن مراحل تنموية مختلفة للأطفال.

تبدأ رحلة الأطفال في الحضانة في صف «العرقوب» الذي يشمل الأطفال من سنة إلى سنتين، متأثراً بعادة قديمة للأطفال في الحبو على الكعوب. السقف من صف «الظبي» للأطفال من سنتين إلى ثلاث سنوات، وهو يعبر عن بداية قدرتهم على التحرك بسرعة ورشاقة.

أما الأطفال من ثلاث إلى أربع سنوات، فيكون لهم تجربة في صف «الشراع»، الذي يرمز للحرية والاستقلالية مع بداية تنقلهم بمفردهم. حيث يشبه الطفل الشراع الذي يبحر بعيداً. تم تصميم الحضانة لتمكين الأطفال من الاندماج مع الثقافة المحلية، والبيئة التقليدية الآمنة.

تضم الحضانة مرافق مستلهمة من الطابع الإماراتي الأصيل، بينها «المقيّل» المخصص لقيلولة الأطفال و«دختر زينب»، غرفة الممرضة. تشمل الحضانة أيضاً «الليوان» الذي يعكس مفهوم الاجتماع العائلي، حيث يجتمع الأطفال لسماع القصص التقليدية والأنشطة الجماعية.

يتضمن «الليوان» أركان تفاعلية مثل «صالون الفريج» و«حناية الفريج»، مما يمنح الأطفال بيئة غنية بالأنشطة المحلية. أما ركن «الصالة» فقد استلهم من بحر جميرا للعب الداخلي، بينما يمثل «الحوي» المساحة المفتوحة للعب الخارجي.

التصميم الداخلي بتعاون مع المصممة فاطمة خليفة الهاملي يبرز الطابع المحلي المميز. الألوان المستخدمة متناسبة مع الفئة السنية والمراحل الحسّية والبصرية للأطفال. كما يركز المشروع على تعزيز الثقافة العربية والإماراتية والإسلامية للأطفال منذ أعمار مبكرة.

المشروع يهدف لتعزيز الترابط الاجتماعي، ويعد جزءاً من أجندة دبي الاجتماعية 33. ستشهد الحضانة توسيعاً مستقبلياً في العام الأكاديمي 2025/2026 بإفتتاح فرع في مركز المزهر الثقافي الإسلامي، مع نقل لهذه التجربة لبيئات أخرى.

وجود «أمهات الفريج» في الحضانة يعزز الترابط العائلي ويوفر دعماً عاطفياً للأطفال. دور الأمهات يجلب تجربة الجدات القديمات حيث يلعبن دوراً هاماً في نماء الأطفال العاطفي واطمئنانهم. الأمهات نواتد مهمة لنقل التراث الثقافي لأجيال جديدة.

تشترط الحضانة على الأمهات المشاركات أن يكن من مواطات الدولة، تتجاوز سن الخمسين ولا يعملن حالياً. دور الأمهات يتضمن ساعات عمل تفاعلية، تضم نشاطات تصب في صالح الأطفال والأمهات من حيث تعزيز التواصل العربي التقليدي مع الصغار.

شيخة الظاهري، وهي واحدة من «أمهات الفريج»، تشهد على تحسن لغة الأطفال العربية نتيجة لتفاعلها اليومي معهم. تمثل دورها في تعليم الأطفال مصطلحات إماراتية تقليدية تُبقي ثقافتهم حية ومعززًا، حيث تحثهم على استخدام لغتهم الأم بشكل يومي.

كما أن المعلمة سارة العطار، في تجربتها الأولى في المجال، تشيد بمزايا المشروع ونهجه التربوي الذي يدمج بين اللغة العربية والثقافة الإماراتية ضمن بيئة حديثة. تلعب هذه المبادرات دوراً كبيراً في ربط الأجيال الجديدة بإرثهم الثقافي الأصيل.

في نهاية المطاف، تطمح حضانة الفريج إلى أن تتوسع في تأثيرها عبر الثقافة الإماراتية وتعزيز ارتباط الأطفال بهويتهم، ليظل التراث حياً في نفوس الأجيال القادمة بفضل الجهود المبذولة لإعادة إحياء القيم التقليدية.


مواد متعلقة