حكمة الحياة: رحلة معرفية إنسانية من القلب إلى القلب

السبت 18 أكتوبر 2025 - 06:03 ص

حكمة الحياة: رحلة معرفية إنسانية من القلب إلى القلب

مريم المرى

يعكس كتاب «علمتني الحياة» لصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، مرجعاً غنياً للأجيال الحالية والمستقبلية. يوثق الكتاب جوانب من فلسفة سموه القيادية وتجربته في الحكم والسياسة.

يتضمن الكتاب 35 فصلاً ملهمة، ويتميز ببساطته في الكلمات ووضوحه في العبارات وعمق معانيه. يؤكد سموه في المقدمة أن الهدف هو الوصول للقارئ بكل صدق وشفافية.

يذكر سموه: «في غضون سنوات سأكمل 60 عاماً من العمل العام، تحملت خلالها تحديات وإنجازات، وأفراح وأحزان، وخسرت أحبائي، وكسبت أسرة محبة وأمة فخورة، ودولة أصبحت محط أنظار العالم».

يبرز إصدار الكتاب التزام سموه بنقل الخبرات والمعرفة للأجيال القادمة. يسهم الكتاب في إثراء المكتبة العربية كمصدر إلهام للقادة وصناع القرار والشباب الطامح لتحقيق مستقبل مشرق.

يمثل الكتاب امتداداً لجهود سموه في تعزيز الفكر والثقافة والإبداع، حيث يطرح موضوعات تشكل الهوية الوطنية والإنسانية والتنموية.

يقول سموه: «تعلمت من الحياة أنني لست كاملاً، بل إنسان يتعلم باستمرار وينمو، ويدرك حدود ضعفه وقوته، لكن الثابت دائماً حبي لوطني وشعبي وأسرتي».

ويحكي الكتاب قصصاً منها تلك الحادثة التي وقعت قبل 25 عاماً، حينما أراد أحد الشباب الانسحاب بسبب انتقادات الناس وأثرها السلبي على حماسته وعزيمته. لكنه، بعد نقاش مع سموه، استمر في العطاء والنجاح.

تظهر هذه القصة أهمية التمسك بالعمل رغم التحديات والنقد، فالنجاح دائماً يواجه مقاومة وحسد.

قال الفيلسوف الروماني قبل قرون: قدر الحاكم الفاضل أن يفعل الخير وأن ينتقده الناس، وهذا ما يتفق مع نظرة ابن خلدون في أن رضا الناس لا يُدرك.

تناول القرآن الكريم أيضاً هذه الحقيقة؛ فالناس بطبيعتهم قد لا يدركون أو يعقلون. يجلب العمل العام النقد لكن يجب الاستمرار.

واجهت تطويرات دبي انتقادات في بداياتها، لكنها أصبحت اليوم نموذجاً يُحتذى به، ويسعى الجميع لتقليده. النجاح يجذب الأعداء والحاسدين، لكن لا يجب التوقف عن العمل لتحقيق الطموحات.

إذا أردت رضا الجميع وابتعدت عن العمل فلن تحقق شيئاً. افعل الصواب، ودع التحدث للآخرين.

حول أهميتها، يناقش سموه أهمية المؤشرات في متابعة تطورنا كمقياس لحيوية مشروعنا الوطني والحضاري. إنها ليست للافتخار، بل جزء من معركة وجودنا.

هناك دول تختفي دون أن يشعر العالم بها، لكن دبي تسعى لأن تكون حاضرة بمشروعاتها ومؤشرات إنجازاتها.

تمثل هذه المشاريع دفاعاً عن هويتنا، وتأكيداً لقدرتنا وإبداعنا. نحن لسنا ضحايا، بل صناع حضارة.

نحن نؤمن بأننا نستأنف الحضارة بطريقة جديدة، ونعمل على مشاريع تطمح لتحقيق نهضة شاملة.

في الختام، الدولة التي لا تبني مشروعها اليوم، تحفر قبرها التاريخي. وبناء المستقبل يتطلب الرؤية والقدرة على العمل.


مواد متعلقة