أوروبا تسعى لإيقاف خطة ترامب للسلام في أوكرانيا

الإثنين 24 نوفمبر 2025 - 05:14 ص

أوروبا تسعى لإيقاف خطة ترامب للسلام في أوكرانيا

منى شاهين

ظهر نمط مألوف ومزعج في العواصم الأوروبية بعد طرح خطة السلام المؤلفة من 28 بنداً التي قدمها الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب. وتهدف تلك الخطة إلى إنهاء الحرب المستمرة في أوكرانيا منذ ثلاث سنوات والتي أسفرت عن مقتل مئات الآلاف.

وّبعد القمة التي عقدت بين ترامب والرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، في ألاسكا بأغسطس 2025، بدأ القادة الأوروبيون بتقديم الدعم اللفظي لجهود ترامب لإنهاء الحرب في أوكرانيا. وفي ذات الوقت، عملوا على إفشال أي مبادرة لا تتماشى مع أهدافهم، الهادفة إلى استسلام روسي كامل في أوكرانيا.

وفي الحقيقة، لا تزال موسكو قوية وموقفها منتصر في هذه الحرب، وفقاً لآراء العديد من المراقبين والخبراء. ويبدو أن الدول الأوروبية تسعى إلى إفشال مقترحات السلام الأمريكية لتصبح غير مقبولة من جانب موسكو. هذا الأمر سيضمن عودة الحرب الأطول أمدًا، مما يصب في مصلحة روسيا ويزيد استنزاف أوكرانيا.

كانت استجابة الأوروبيين السريعة لخطة ترامب واضحة ومكشوفة بحسب ما ذكرته "بلومبيرغ". فقد رفض كل من قادة بريطانيا وألمانيا وفرنسا العناصر الأساسية لخطة ترامب. وظهرت برلين كزعيم متشدد بين هذا الثلاثي الأوروبي، وفاعلًا يسعى لتطوير مقترحات مضادة تتوافق بشكل أفضل مع موقف أوكرانيا.

كما قدمت كايا كالاس، الممثلة العليا للسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، استراتيجية كبرى لتحقيق السلام، والتي كانت بسيطة ومدمرة وتهدف إلى إضعاف روسيا ودعم أوكرانيا. وليس من الواضح ما هي طرق تحقيق هذا الدعم.

ومن يطمح إلى إيجاد مخرج دبلوماسي سيبحث عبثًا؛ لأن "خطة السلام" هذه لا تعترف بالحاجة إلى التنازلات الضرورية لوقف القتل. بالفعل، هي مجرد إشارات قد تؤدي إلى نزاع دائم على الأرض، مع المزيد من الدمار لأوكرانيا وتزايد مخاطر التصعيد وتوسع الحرب في أوروبا.

ردة الفعل السريعة من القادة الأوروبيين الرافضين لخطة ترامب تثير حيرة البعض، إذ يعتبرونها استسلامًا. في الحقيقة، على الرغم من ضعف الخطة وعدم اكتمالها، فإنها ليست دعوة مباشرة لاستسلام أوكرانيا. ووفقا لما قاله الخبير الروسي، مارك غاليوتي، فإنها قد تبدو واعدة للطرفين.

وعند التركيز في تفاصيل خطة السلام، يبدو أن الهدف منها تحقيق سلام مستقر، وجيش أوكراني قوامه 600,000 جندي، وهو ما يراه المحللون قابلًا للتحقيق. وبالنسبة للأراضي المتنازع عليها في دونباس والقرم، تتجنب الخطة الاعتراف القسري بالسيادة الروسية.

بالنسبة للتفاوض على الأراضي، فسيكون هو التحدي الأكثر تعقيدًا خلال المفاوضات. بينما يجب ألا يكون مطلب تخلي أوكرانيا عن الانضمام لحلف الناتو عقبة أمام التوصل إلى اتفاق، إذ يدرك القادة أن انضمام أوكرانيا للحلف غير مرجح.

إضافة إلى ذلك، عارض الأوروبيون مواد في خطة ترامب لصالح حماية الأقلية وحقوق الأديان في أوكرانيا مؤكدين أن يجب استنادها إلى أطر الاتحاد الأوروبي بدلاً من الفرض الروسي أحادي الجانب.

باعتبار أوكرانيا مجتمعًا متعدد الأعراق، فإن حماية حقوق الأقليات يعد استثمارًا طويل الأجل في أمنها. لذا، فإن معارضة هذه الخطة ليست حكيمة، خاصة وأن ذلك يعزز الادعاء بدعم أوكرانيا.

والانفتاح الدبلوماسي الروسي لا ينبع من ضعف؛ بل أشار بوتين إلى أن الخطط قد تساعد كمحطة للمفاوضات، وهو ما يعني الاستعداد الروسي للدبلوماسية، رغم تفضيله الوسائل العسكرية الحالية لتحقيق أهدافه.

تواجه أوروبا خيارًا صعبًا: إما أن تستمر في إفشال الخطة مع محاولة تقديم واشنطن مقترحات معاكسة، ولكن هذا يضعها أمام خطر تجاهل المساعي ويعرّضها لعواقب سلبية خصوصاً إذا نحج ترامب في إقناع زيلينسكي بقبول الخطة.

إذا وافقت كييف وانضمت موسكو، فسيكون لأوروبا دور سيئ في تسوية واحدة من أكبر حروبها. ستضطر للامتثال لشروط الاتفاق دون تقديم بديل موثوق. ميرتس تحدث مع ترامب في محاولة لتجنب هذا السيناريو، دون تقديم تفاصيل عن الاتصال.

وسيظهر المستقبل إذا كان هناك نتيجة للمكالمة، ولكن الوصول إلى تسوية دائمة مستحيل دون النظر إلى أولوية التخلي عن استراتيجيات تضعف طرفًا وتسلح الآخر. خطة ترامب حالياً قد لا تكون بديلًا مثاليًا وهي متاحة في ظل غياب أفضل منها. بالتالي، يجب عدم الغوص في حرب لا نهاية لها، هي لن تضر روسيا بقدر ما ستثقل كاهل أوروبا وحدها.


مواد متعلقة