الذكاء الاصطناعي والتراث: تهديد أم فرصة للتمكين العصري؟

الثلاثاء 16 ديسمبر 2025 - 12:07 ص

الذكاء الاصطناعي والتراث: تهديد أم فرصة للتمكين العصري؟

مريم المرى

يشهد العالم اليوم تطورًا هائلًا في مجال التقنيات الحديثة والذكاء الاصطناعي، وتأثير هذه التقنيات على مختلف القطاعات وحتى في تفاصيل الحياة الشخصية للأفراد. تتعدد التساؤلات حول تأثير هذا التطور على العلاقة بين الأجيال الجديدة وتراثهم، وهل تعتبر هذه التقنيات تهديدًا لهذه العلاقة أم أداة لتمكين التراث وتطويره؟

أكدت الدكتورة مريم النيادي، الخبيرة التربوية في وزارة التربية والتعليم، أن التراث والعادات والتقاليد يُعتبرون مكونات أساسية في الشخصية الإماراتية، فهم جزء لا يتجزأ من الممارسات التي يتوارثها الأفراد، مثل التجمعات الأسرية التي تُقام في نهاية الأسبوع، حيث تتضافر جهود الأجيال المختلفة لإعداد الأطباق التراثية وتعلم القيم والأخلاق الأصيلة.

وأشارت إلى التمسك بالزي الوطني واللهجة المحلية، خاصة في المناسبات الدينية والاجتماعية، لا يتعارض مع الالتحاق بأرقى الجامعات العالمية أو تعلم اللغات المختلفة. إذ تبقى الهوية التراثية حاضرة ومتجذرة في نفوس الأجيال الجديدة مهما بلغ التقدم التقني.

أوضحت الدكتورة مريم: "رغم التطور الكبير في الإمارات، فإن التمسك بالتراث لا يتقاطع مع الحداثة، وهذا النجاح جعل المقيمين من مختلف الجنسيات مهتمين بالتعلم والممارسة للتراث الإماراتي في مختلف المناسبات."

واتفقت حليمة العلوي، مستشارة التراث، مع الدكتورة مريم، حيث أكدت أن تماسك الأسرة يعزز من حضور الموروث. ففي العادات، تتعلم الفتاة من الأم العادات الغذائية والزي التقليدي، بينما يتعلم الفتى آداب الضيافة من والده.

وأضافت العلوي: "مجتمع الإمارات يتميز بإدماج عاداته في الحياة اليومية، رغم التغيرات الحياتية. ومن خلال توظيف الحرف اليدوية والأكلات الشعبية في مشاريع عصرية، أصبحت هذه المشاريع ناجحة واكتسبت شعبية سواء داخل الدولة أو خارجها."

وتسعى الدولة لدعم هذه الجهود لحفظ التراث من خلال توظيف التقنيات الحديثة. وبالتوازي، يعمل قطاع الثقافة والسياحة على جذب الأجيال الجديدة للاهتمام بهذا التراث عبر استخدام التقنيات الحديثة مثل الصور ثلاثية الأبعاد.

الدكتور موسى الهواري، رئيس قسم تطوير المحتوى التعليمي، أوضح أن التحديات تتعلق بجذب الأجيال التي تعتمد بشكل أساسي على التكنولوجيا الحديثة. ويتطلب هذا التحدي استراتيجية فعالة للوصول إليهم باستخدام الأدوات التي يتقنونها.

اليوم، أصبح استخدام التقنيات الحديثة مثل المنصات الثقافية والمنصات التعليمية عُنصرًا محوريًا في تعزيز المعرفة بالتراث الإماراتي، بما يتيح للنشء والطلاب والمقيمين والزوار على حد سواء فهم هذا التراث بأساليب مبتكرة.

ومن جانبها، تطرقت الدكتورة أونا فيليكسيس، مديرة وحدة توثيق وتحليل البيانات، إلى التأثير المحتمل للذكاء الاصطناعي على الشخصية المستقبلية للأفراد. وطرحت تساؤلات حول كيفية تأثير هذه التقنيات على العادات القديمة مثل الحكايات الشعبية.

ومن الجدير بالذكر أهمية وجود قواعد أخلاقية تنظم استخدام الذكاء الاصطناعي، بما يضمن حرية المعلومات وتحري المصداقية والدقة في البيانات الثقافية.

أخيرًا، أكدت الدكتورة أونا على ضرورة توفير معلومات كافية باللغة العربية حول التراث الإماراتي على الإنترنت، لتكون مرجعًا موثوقًا يمكن للذكاء الاصطناعي الاستفادة منه، مشيرة إلى أن التقنيات الحديثة ليست مجرد خوارزميات وإنما تعتمد على البيانات المتوفرة.


مواد متعلقة