تصحيح موقع جغرافي قديم يكشف سر كسوف عمره 2700 سنة

الخميس 04 ديسمبر 2025 - 07:25 ص

ليلى زكريا

نجح فريق بحثي دولي في فك شفرة واحدة من أقدم السجلات الفلكية البشرية المؤرخة، وهي قصة كسوف شمسي كلي وقع عام 709 قبل الميلاد ودوّنها مراقبو السماء في بلاط دوقية "لو" الصينية القديمة.

لطالما اعتبرت الرواية الصينية التي تصف الشمس أثناء الكسوف أنها "ظهرت صفراء تماما من أعلى وأسفل"، كإشارة محتملة إلى رصد الهالة الشمسية، مما قد يجعلها أقدم وصف معروف لهذه الظاهرة الفلكية البارزة.

لكن التحقق العلمي من هذه الرواية واجه عقبة جغرافية تاريخية، حيث كانت الإحداثيات المستخدمة سابقا لموقع العاصمة القديمة "تشوفو" منحرفة نحو ثمانية كيلومترات عن موقعها الحقيقي طبقا للأدلة الأثرية الحديثة.

بعد تصحيح الموقع الجغرافي، تمكن العلماء من إعادة بناء المشهد الفلكي بدقة مذهلة. وأظهرت حساباتهم أن اليوم في القرن الثامن قبل الميلاد كان أقصر بنحو خمس ساعات ونصف إلى ست ساعات مقارنة بيومنا الحالي.

هذا الفارق يعزى أساسا إلى تأثيرات المد والجزر القمرية التي تبطئ تدريجيا من سرعة دوران الأرض عبر العصور. والأكثر إثارة هو أن تحليل مورفولوجيا الهالة الشمسية يشير إلى أن الشمس كانت في مرحلة نشاط ضمن دورتها المغناطيسية المعتادة.

يتوافق هذا الاستنتاج بشكل مثير مع بيانات مستقلة مستمدة من تحليل النظائر المشعة في حلقات الأشجار. تلك البيانات تشير إلى أن الشمس كانت تخرج من فترة هدوء مطولة استمرت قرنا كاملا، عرفت باسم "الحد الأدنى الآشوري الكبير".

عبر الجمع بين علم الفلك الحديث والجغرافيا التاريخية ودراسة الوثائق القديمة، تؤكد الدراسة قيمة السجلات الفلكية الصينية التي حافظت عليها السلالات الإمبراطورية عبر القرون، وتقدم دليلا على حوار العلم بمرور الزمن.

حيث تلتقي عيون المراقبين القدامى بتقنيات المحاكاة الحاسوبية المعاصرة لكشف أسرار مشتركة تخص الأرض والشمس. هذه الدراسات تعد بمثابة جسر بين الماضي والحاضر وتظهر تطور الفهم البشري للعالم الفلكي المحيط بنا.


مواد متعلقة