القمر الاصطناعي 813: مثال للتعاون العربي في صناعة الفضاء

الأحد 14 ديسمبر 2025 - 04:33 ص

القمر الاصطناعي 813: مثال للتعاون العربي في صناعة الفضاء

ياسر الحمادى

تم اطلاق القمر الصناعي العربي 813 ليدشن عصرًا جديدًا للعمل الفضائي العربي المشترك، ويجسد رؤية تقودها دولة الإمارات لتوحيد الجهود العربية في هذا القطاع الحساس، باستخدام علوم الفضاء وتقنياته لصالح التنمية المستدامة ودعم صناع القرار ببيانات رصد الأرض ومراقبة التغيرات البيئية.

يمثل القمر 813 أول قمر صناعي عربي أُنشأ ضمن مشروع مشترك بين دول "المجموعة العربية للتعاون الفضائي"، التي تأسست في الإمارات عام 2019، بهدف تنسيق الأنشطة الفضائية. شارك مهندسون وعلماء عرب في كافة مراحل تصميم وتجميع واختبارات القمر في بيئة مشتركة بقيادة الإمارات.

تم تطوير القمر في "المركز الوطني لعلوم وتكنولوجيا الفضاء" بجامعة الإمارات، الذي لعب دورًا محوريًا في تصميم الأنظمة الفضائية للقمر وتجميع حمولاته واختبارها وتوظيف الكوادر العربية.

يعزز إطلاق القمر مكانة الإمارات كمركز إقليمي لتطوير المشاريع الفضائية المتقدمة، وهو داعم رئيسي للجهود العلمية المشتركة في العالم العربي، حيث يعتمد القمر 813 على تقنيات الاستشعار عن بعد المتطورة لتقديم بيانات دقيقة لمجالات عديدة.

يحتوي القمر على ثلاث حمولات رئيسية تعمل بتكامل للحصول على بيانات شاملة ومترابطة عن الأرض والجو. تشمل الحمولة الأولى نظام التصوير الطيفي الفائق، الذي يعمل عبر نطاقات الطيف المرئي وتحت الحمراء.

يمكن للنظام التقاط أكثر من 200 نطاق طيفي مميز، مما يتيح تحليل العناصر السطحية بدقة، مثل الغطاء النباتي وجودة المياه، مما يجعله أداة فعالة لدعم الزراعة المستدامة وإدارة الموارد الطبيعية.

الحمولة الثانية هي نظام التصوير البانكروماتي، الذي يلتقط صورًا بالأبيض والأسود بدقة مكانية عالية، مما يساعد في إنتاج خرائط تفصيلية لدراسة التوسع العمراني وخصائص التضاريس.

تدعم هذه القدرة من خلال تكاملها مع بيانات التصوير الطيفي لتوفير صور تجمع بين الدقة المكانية والغنى الطيفي.

حمولة ثالثة هي مقياس الاستقطاب الجوي الذي يقيس استقطاب الضوء عبر 12 نطاقًا طيفيًا، بهدف تصحيح تأثيرات الغلاف الجوي على صور القمر وتحسين جودتها.

تساهم هذه الأداة في تعزيز دقة منتجات القمر الاصطناعي ودعم الأبحاث المناخية وجودة الهواء، بفضل توفير معلومات عن مكونات الغلاف الجوي.

يوفر القمر 813 بيانات تدعم مراقبة التغيرات البيئية مثل التصحر وتدهور الأراضي وتغير الغطاء النباتي، ويساعد في خطط إدارة الموارد المائية والتخطيط العمراني.

يتيح القمر إنشاء قاعدة بيانات عربية موحدة لصور وقياسات رصد الأرض، مما يزيد استقلالية الدول العربية في الحصول على بيانات فضائية عالية الجودة دون الاعتماد على مصادر خارجية.

مكن المشروع الجامعات ومراكز الأبحاث من تطوير نماذج وتحليلات متقدمة بناءً على البيانات الموجهة لاحتياجاتها الوطنية، كما جاء في إطار التزام الإمارات بالتعاون العربي الفضائي.

يوفر المشروع فرص تدريب للمهندسين العرب في تصميم وتجميع الأقمار الاصطناعية وتشغيلها، مما يعزز الخبرات الفنية في الدول المشاركة ويفتح المجال لمشاريع مشتركة مستقبلاً.

إطلاق القمر 813 يعد إضافة نوعية للإنجازات الفضائية للإمارات والمنطقة، وعلامة بارزة في توظيف الفضاء لخدمة الإنسان والتنمية المستدامة، ويؤكد حرص العرب على مواجهة التحديات البيئية.

مع دخول القمر مرحلة التشغيل وتلقي البيانات في مركز التحكم بجامعة الإمارات، يتوقع أن يسهم في دعم رصد ومتابعة المؤشرات البيئية وتزويد صناع القرار بمعلومات تساعد على وضع سياسات مناسبة.

يؤكد هذا الإنجاز دور الإمارات كمركز للتعاون العربي في الفضاء وشريك فاعل في الجهود الدولية للحفاظ على كوكب الأرض وخدمة القضايا البيئية والتنموية عبر استخدام تقنيات الفضاء المتقدمة.


مواد متعلقة