اضطرابات في فرنسا: فوضى سياسية واحتجاجات شعبية متزايدة
الخميس 02 أكتوبر 2025 - 04:13 ص

عانت فرنسا من خسارة حكومية جديدة بعد أن رفض البرلمان رئيس الوزراء فرانسوا بايرو، حيث حصل على 194 صوتاً فقط من أصل 558 في تصويت الثقة. كانت هزيمة بايرو إهانة له ولحلفائه من الوسط، ورئيسه إيمانويل ماكرون، الذي سيختار خليفته خلال أيام.
صوّت ضد الحكومة كل من حزب "فرنسا الأبية" اليساري بقيادة جان لوك ميلينشون، وحزب التجمع الوطني اليميني بزعامة مارين لوبان، بالإضافة إلى الاشتراكيين وبعض الجمهوريين من يمين الوسط بعدما انضم وزراء منهم لحكومة بايرو.
كانت نتائج التصويت مخيبة للآمال لبايرو الذي كان يأمل في دعم ماكرون لتحقيق الاستقرار في فرنسا، وذلك في الوقت الذي فقدت فيه فرنسا أربعة رؤساء وزراء في أقل من سنتين.
كان بايرو قد دعا للتصويت على الثقة بسبب خططه لتوفير 44 مليار يورو بحلول 2026 للحد من عجز الميزانية الذي يصل إلى 5.4% من الناتج المحلي هذا العام، لكن المعارضة من اليسار واليمين كانت كبيرة ولم تدعم خططه.
اتهم بوريس فالو، زعيم الاشتراكيين في البرلمان، ماكرون بنشر الفوضى السياسية، معتبرًا أن بايرو يقلده بلا وعي، وأكدت لوبان على أن التصويت أظهر "لحظة حقيقة" بسبب الإنفاق المسيء خلال عقود.
تواجه فرنسا الآن فترة جديدة من عدم اليقين السياسي وتوترات السوق والاضطرابات الشعبية، وتأتي هذه التطورات بعد تسعة أشهر من إطاحة البرلمان بالحكومة السابقة بقيادة ميشيل بارنييه.
لدرت فرنسا اليوم من احتمال جمود سياسي مع خيارات محدودة للرئيس ماكرون، الذي لا يميل لدعوة انتخابات جديدة رغم رغبة لوبان وحزبها في ذلك.
أظهر استطلاع للرأي مؤخراً أن حزب التجمع الوطني قد يتصدر الانتخابات بنسبة 33%، وستتراجع الوسطية إلى المركز الثالث بنسبة 15% فقط.
ولا تزال لوبان ممنوعة قانونياً من الترشح لأي انتخابات حتى 2026 بسبب قضايا تمويل حزبها، وهذا يعيق قدرتها على استلام المنصب .
لو دعا لانتخابات جديدة وفاز حزب التجمع الوطني، فقد يصبح جوردان بارديلا، المرشح لمنصب رئيس الوزراء، فهو أبرز تابع للوبان.
وفي ظل هذا، يذكر أن عندما حل ماكرون البرلمان في 2024، انتهى به المطاف بعدد مقاعد أقل، مما يعقد عليه القيام بنفس الفعل مرة أخرى الآن بسبب ضعف حزب ماكرون داخل البرلمان.
خيار آخر لماكرون هو محاولة التفاوض مع الاشتراكيين، كما يرى بعض الوسطيين، رغم أنّ هذا قد يتطلب موافقته على ضريبة ثروة جديدة على الأغنياء كجزء من الصفقة.
يعارض ماكرون هذه الضريبة باعتبارها قد تلحق ضرراً بسمعة فرنسا كمكان مواتٍ للشركات والأعمال ويبدو أن ماكرون مضطرٌ للبحث عن طرق لكسر هذا الجمود السياسي بطريقة تضمن استقرارًا اقتصاديًا وفرصًا للنمو.
يتابع المستثمرون الدوليون الموقف بقلق، حيث يمكن أن يتحول عدم الاستقرار السياسي إلى أزمة اقتصادية، خاصة أن تقديرات التصنيف الائتماني لفرنسا ستصدر قريبا، وكل ذلك بينما تشتعل احتجاجات وشيكة تنظمها النقابات ضد السياسات الحالية.
الموقف في فرنسا معقد بصفة متزايدة، وحديث عن إضرابات واعتصامات اليوم، وكلها تجري تحت عنوان "لنغلق كل شيء"، وتلقى دعماً من النقابات الأكثر تشدداً.
الجهود المناهضة للحكومة تستهدف عرقلة البلاد، وهي تشبه حركات اجتماعية سابقة ذات تأثير مثل حركة "السترات الصفراء"، مما يضع ضغطًا على السلطات في إدارة الموقف.
يلقي البعض باللوم على ماكرون في عدم قدرته على خلق توافق مع الأحزاب الأخرى، خاصة أن بايرو، كرئيس لحكومة أقلية، لم يسعى لبناء جسور مع هذه القوى أثناء الصيف.
من الواضح أن توقعات معظم القوى السياسية في فرنسا لا تشير إلى انحسار الأزمة قريباً، خاصة أن السياسات التي تنتهجها الحكومة تفتقر إلى الدعم الكافي.
يعني هذا ضغطاً كبيراً على حكومة ماكرون وما تبقى منها، حيث توجد تحديات ضخمة في معارضة خطط الإصلاح المذكورة بالإضافة إلى الأخبار المتواصلة عن هروب محتمل للأموال إلى الخارج.
كل هذه العوامل تجعل عملية البحث عن حل سياسي للأزمة الحالية معقدة، حيث يحتاج الاستقرار السياسي لقرارات حاسمة ولكن مقبولة لكل الأطراف المعنية، وهو ما يبدو صعباً في الوقت الراهن مما يزيد من حدة التوترات المتزايدة بين المواطنين والسلطة الحاكمة.
مواد متعلقة
المضافة حديثا