الرياضة المنتظمة: أمل جديد في الشفاء من سرطان القولون

الإثنين 23 يونيو 2025 - 08:18 ص

الرياضة المنتظمة: أمل جديد في الشفاء من سرطان القولون

راشد مطر

ربطت دراسة دولية حديثة بين النشاط البدني المنظم وتحسين معدلات النجاة من سرطان القولون، مؤكدة الدور الحيوي للتمارين الرياضية في الوقاية والعلاج. الدراسة التي أُطلق عليها اسم "التحدي" نُشرت في مجلة نيو إنجلاند الطبية وكُشف عنها خلال مؤتمر الجمعية الأمريكية لعلم الأورام السريري في شيكاغو، الحدث الأبرز سنويًا في أبحاث السرطان.

شملت الدراسة 889 مريضًا في ست دول، حيث تم تتبعهم لسنوات بعد تلقيهم العلاج الكيميائي. قُسّم المشاركون إلى مجموعتين: الأولى تلقت رعاية طبية تقليدية، بينما الثانية انضمت إلى برنامج رياضي مكثف استمر ثلاث سنوات، تضمن خطط تمارين شخصية تحت إشراف أخصائيي اللياقة. النتائج كانت لافتة: انخفاض بنسبة 28% في تكرار الإصابة، و37% في معدلات الوفيات بين من شاركوا في التمارين.

اختار معظم المشاركين المشي السريع لنحو 45 دقيقة أربع مرات أسبوعيًا، وتمكن 90% من البقاء دون انتكاسة لمدة خمس سنوات، مقارنة بـ 74% فقط في المجموعة الأخرى. هذه تعتبر أول تجربة عشوائية مُحكمة تُثبت بشكل قاطع أن التمارين الرياضية لا ترتبط فقط بتحسين الحالة الصحية بل تُقلل فعليًا من احتمالات الوفاة بالسرطان.

ورغم بعض الإصابات العضلية الطفيفة في مجموعة التمارين (19% مقابل 12%)، أكد الباحثون أن الفوائد تتفوق بكثير على هذه الأعراض الجانبية البسيطة، خاصة مع الدعم المستمر من مدربي اللياقة، الذي ساعد المشاركين على الالتزام بالبرنامج.

في المقابل، أثارت دراسة موازية عُرضت في المؤتمر ذاته بعض التساؤلات، إذ وُجد أن عدّائي الماراثون لديهم معدلات أعلى من ظهور السلائل في القولون، وهي أورام حميدة قد تتحول لاحقًا إلى سرطان. ورغم أن النتائج لم تُسجل ارتفاعًا فعليًا في نسب السرطان بين الرياضيين، إلا أنها دفعت الأطباء إلى دعوة الرياضيين المحترفين لإجراء فحوصات دورية وتنظير القولون كإجراء وقائي.

من المحتمل أن ارتفاع معدل السلائل بين العدّائين ليس بالضرورة نتيجة للتمارين نفسها، بل ربما يعود إلى خضوعهم لفحوصات أكثر، أو تأثيرات جانبية مثل الجفاف أو تغيرات في وظيفة الأمعاء أو استخدام المكملات الغذائية. ويؤكد الباحثون أن خطر الإصابة بالسرطان لا يزال أقل بين النشطين بدنيًا مقارنة بأولئك الذين يعيشون حياة خاملة.

وترى الدراسة أن النشاط البدني يؤثر في آليات بيولوجية دقيقة مثل الالتهاب، والمناعة، وحساسية الأنسولين، مما يجعله أداة قوية في الوقاية من السرطان. حاليًا، يجري العلماء تحليلات دم لفهم كيفية تأثير التمارين على هذه العمليات، بهدف تطوير "وصفات تمرين" مخصصة حسب الحالة الجينية للمريض.

وخلصت الدراسة إلى أن التمارين المنتظمة، المتوسطة والموجهة طبيًا، يمكن أن تكون سلاحًا فعالًا ضد سرطان القولون. أما رياضيو التحمل، فعليهم أن يوازنوا بين كثافة التدريب والرعاية الوقائية. في النهاية، تبقى الحركة عنصرًا أساسيًا في معادلة الصحة، لكن الجرعة المناسبة والتوجيه الطبي السليم هما مفتاح الاستفادة الحقيقية.


مواد متعلقة