ماكرون يتنحى: تغييرات هائلة تنتظر الدبلوماسية الأوروبية

الإثنين 08 سبتمبر 2025 - 04:03 ص

ماكرون يتنحى: تغييرات هائلة تنتظر الدبلوماسية الأوروبية

منى شاهين

تشهد الساحة السياسية الفرنسية حالةً من الشلل الشديد، حتى استقالة الرئيس إيمانويل ماكرون أصبحت فكرةً تُناقَش علناً بعد أن كانت تُطرح همساً في أروقة السلطة. ولكن، في حين أن رحيل ماكرون سيُحدث زلزالاً في الساحة الأوروبية، يزداد الشك في أن رحيله قد لا يكون حلاً للجمود السياسي الذي يعيق الجمهورية الخامسة.

ماكرون يبحث عن رئيس وزراء خامس في أقل من عامين، مع توقع سقوط حكومة فرانسوا بايرو بسبب سياساته غير الشعبية لخفض العجز الضخم. ومع ذلك، يبقى التساؤل: هل سيتمكن خلف بايرو من تمرير مليارات اليورو اللازمة لتشديد الميزانية وتجنب أزمة ديون؟

على مدى قرابة سبعين عاماً، برهنت مؤسسات الجمهورية الخامسة على قوتها، بغض النظر عن احتجاجات الشعب أو الإضرابات. لكن حالياً، وصلت الهيئة التشريعية إلى طريق مسدود، وتعثرت محادثات الميزانية. وبينما الأسواق المالية متوترة، يُحذر بايرو من سيناريو مشابه للوضع في اليونان.

يدعو زعماء التطرف اليميني واليساري، اللذان يُشكل حزباهما ثلث مقاعد الجمعية الوطنية، إلى رحيل الرئيس. النقاش حول مغادرته أصبح يشمل شخصيات مرموقة من يسار الوسط وثلة من المعلقين السياسيين.

ماتيو غالارد، خبير استطلاعات الرأي، يشير إلى أن الاستياء حقيقي حتى داخل معسكر ماكرون. لكن رغم ذلك، يبدو من غير المرجح أن يستسلم ماكرون، حيث يُتوقع أن الانتخابات الرئاسية لن تُجرى قبل العام 2027، ولن تُسهم في حل الأزمة الحالية.

ويعتقد بعض المحللين أن الظروف المعيشية والسياسية الفرنسية قد تتداخل بشكل أقوى مع الأزمات الأوروبية، وهذه الأزمة يمكن أن تُزيد من قوة الأحزاب اليمينية المتطرفة بزعامة مارين لوبان، التي قد تحصد المزيد من المقاعد.

الخبير الدستوري الفرنسي بنيامين موريل يرى أن الفكرة القديمة حول انتخاب الفرنسيين لقائد يسلمونه أغلبية برلمانية قوية أصبحت في طي النسيان بعد فوز ماكرون في 2017 والذي أفسد التقليد الحزبي الفرنسي.

كبير الاقتصاديين السابق في شركة أكسا يتحدث عن حالة من عدم اليقين لم يراها منذ عام 1968، والتي أدت إلى تغييرات كبرى في المشهد السياسي والاجتماعي الفرنسي.

ماكرون، على الرغم من عِناده المعروف، لا يُظهر أي ميل لمغادرة منصبه مبكراً، وهو واعٍ تماماً لعدم استعداد الطبقة السياسية الفرنسية للتعاون من أجل حل الأزمات الماليّة.

المستشار السابق هولاند، غاسبار غانتزر، يقول إن الشعب الفرنسي غير متعاون والاختلافات السياسية العميقة قد تُبقي على العجز دون حل، ما يزيد الأمور سوءاً.

لكن إريك تشاني يحذر من الاعتقاد بأن العجز يمكن تجاوزه دون عواقب وخيمة، ويرى أن هذا قد يؤدي إلى أزمة شاملة تدفع ألمانيا لاعتبار فرنسا مشكلة جديّة.

الأزمة الماليّة يمكن أن تقود فرنسا إلى اللجوء للمساعدة الدولية إذا أصرت القوى السياسية على موقفها المتشدد، وإهمال ضبط الموازنة.

تماماً كما حدث أثناء فترة الثمانينات، قد تجد فرنسا نفسها مضطرة لتصحيح مسارها المالي، على الرغم من مقاومة الأسواق للإقراض وسط هذه الظروف المالية المعقدة.

الرئيس الفرنسي يدرك جيدا أن استقرار الوضع المالي والسياسي يعتمد على قدرة النخبة السياسية على تجاوز خلافاتهم ووضع مصلحة الأمة فوق كل اعتبار.

الآن، تتخوف فرنسا من أن عبء ديونها سيصل إلى مستويات غير مستدامة، خاصة مع زيادة تكاليف الدفاع والتحول الأخضر وتزايد تكاليف التقاعد بسبب شيخوخة السكان.

بينما يواجه الفرنسيون انخفاضاً في الثقة بالقيادة السياسية وتزايد مخاوفهم من المستقبل الاقتصادي، تبدو الساحة مهيأة لتحولات جذرية.


مواد متعلقة