المتاحف وتحدي العصر: التقاء التراث بالتكنولوجيا الحديثة

الأحد 14 ديسمبر 2025 - 11:34 م

المتاحف وتحدي العصر: التقاء التراث بالتكنولوجيا الحديثة

ليلى زكريا

تجد المتاحف نفسها اليوم أمام تحديات كبيرة للحفاظ على دورها كمركز للمعرفة والثقافة والقدرة على جذب جيل الشباب، الذي يفضل الشاشات على القاعات التقليدية. فلم تعد معروضات المتاحف كافية لاستقطاب الزوار الشباب الذين يبحثون عن تجارب تفاعلية حية تمزج التكنولوجيا وتلبي فضولهم المعرفي بطرق مبتكرة.

لقد اتجهت العديد من المتاحف والمؤسسات التراثية لاستخدام تقنيات الواقع الافتراضي والواقع المعزز والتطبيقات الذكية، فضلاً عن عروض غامرة تحول الزيارة إلى تجربة لا تنسى. أشار مديرو متاحف تحدثوا إلى أن المتاحف تواجه تحديات عدة، بينها كيفية رواية القصة للجيل الشاب باستخدام التكنولوجيا والفضاءات التفاعلية.

مدير متحف الشندغة، عبدالله العبيدلي، صرح بأن المتاحف تمكنت من تجاوز مفهومها التقليدي وتحولت إلى فضاءات مفتوحة للتعلم والمشاركة المجتمعية. شهد قطاع المتاحف في دبي تطوراً ملحوظاً، ونجحت هيئة الثقافة والفنون في تحويل متحف الشندغة ومتحف الاتحاد إلى مساحات حيوية تُشجع على التفاهم وتبادل الخبرات.

وأكد العبيدلي أن المتاحف تسعى لجذب الشباب وتشجيعهم على التفاعل مع المتاحف وتجاربها الثقافية المتنوعة. التقنيات الحديثة أصبحت جسرًا فاعلاً يربط الشباب بعالم المتاحف بطرق تفاعلية متجددة. توظف دبي للثقافة في متحف الشندغة ومتحف الاتحاد أحدث تقنيات العرض التي تمكّن الزوار من استكشاف تاريخ دبي بطرق مبتكرة.

أشار المدير التنفيذي لمتحف المستقبل، ماجد المنصوري، إلى أن المتحف يحقق إنجازات متميزة في جذب الزوار منذ افتتاحه في فبراير 2022. استقبل المتحف أكثر من أربعة ملايين زائر من جميع أنحاء العالم، مما يعكس مكانته كأحد أبرز المعالم الثقافية والعلمية في المنطقة والعالم.

بيانات الزوار تشير إلى أن الشباب يمثلون نسبة كبيرة من جمهور المتحف، لأنهم الأكثر تفاعلاً مع التجارب الغامرة والبرامج التعليمية التفاعلية التي يقدمها المتحف. يعتبر المنصوري أن التحدي الحقيقي يكمن في الحفاظ على اهتمام الشباب وإلهامهم من خلال تقديم محتوى وتجارب تواكب سرعة التغير في التقنيات والاهتمامات.

يعتمد متحف المستقبل على منظومة متكاملة من البرامج التعليمية والمبادرات المعرفية التي تهدف إلى تمكين الشباب. تركز هذه الأنشطة على التعليم التفاعلي مع التقنيات المستقبلية وتعزيز الابتكار والإبداع. من بين المبادرات البارزة البرنامج التفاعلي "مخيم أبطال المستقبل" الذي يقدم محتوى يشمل علوم الفضاء والتكنولوجيا المتقدمة وغيرها.

يتيح المتحف للشباب فرصة فريدة لاكتساب معرفة مباشرة من خبراء عالميين من خلال ورش العمل والتجارب الموسمية. هذه الجهود تتجسد في منصات فكرية ومعرفية موجهة للشباب مثل برنامج "الملتقى المعرفي" الذي يتم بالتعاون مع مبادرة نوابغ العرب.

رأى المنصوري أن التقنيات الحديثة هي الركيزة الأساسية في تصميم تجارب المتحف، حيث يتم توظيف تقنيات الواقع الافتراضي والواقع المعزز لتقديم تجارب غامرة. تُستخدم حلول الذكاء الاصطناعي للتفاعل مع الزوار بأساليب مبتكرة تجعلهم جزءاً من التجربة، إضافة إلى مختبرات متخصصة في مجالات الصحة والابتكار.

شدد المنصوري على أهمية تعزيز العلاقات الأكاديمية وبناء شراكات تعليمية طويلة الأمد بين المتحف والجهات التعليمية بهدف دعم تطوير مهارات الشباب وتوفير بيئة محفزة لهم من خلال فعاليات مشتركة. أكد على حرص المتحف على توسيع نطاق التعاون مع الجامعات ومعاهد البحث لتقديم برامج بحثية وفرص تدريبية عملية.

ذكر مؤسس متحف "1185"، الدكتور عبيد الكتبي، أن التنوع العمري للزوار يجعل المتحف مكانًا ملهمًا للأجيال الجديدة، إذ يحتوي على أكثر من 15 ألف قطعة تروي قصصاً جميلة منذ العام 1971. أكد الكتبي أهمية وضع استراتيجيات لجذب الشباب وتحفيزهم على زيارة المتاحف، خاصة أن المتحف يضم قطعاً نادرة وشخصية تهم الشباب.

وأشار إلى أن المتاحف الخاصة تكمل دور المتاحف الحكومية، وتروي القصص الشخصية التي لا نجدها في المتاحف الرسمية. يجب توظيف التكنولوجيا لخدمة المجال والمتاحف الخاصة بحاجة إلى قوانين واستراتيجيات توجيه الزوار وتقديم الدعم لها. الإمارات تضم أكثر من 250 متحفا وتحفيز المتاحف الخاصة يعزز الإرث الوطني.

تحدثت فييدرا فانغ، الأمين العام للمجلس الدولي للمتاحف بقسم التاريخ الطبيعي، عن تجربة المتحف التايواني في جذب الشباب، مشيرة إلى توظيف طلاب الجامعات وتدريبهم في قسم الجولات المتحفية. يشكل هذا المشروع بيئة مثالية للشباب للاندماج والتفاعل مع خلفيات ثقافية مختلفة، مما يزيد من عدد الزوار من فئة الشباب.

ولفتت فانغ إلى أن التعامل مع الشباب يتطلب إعادة تقديم سردية المتحف بشكل متكامل نظراً لمرحلة تقرير المصير التي يعيشها الشباب. شددت على أهمية استخدام التكنولوجيا بشكل متوازن لإبهار الصغار دون أن تصبح هي الموضوع الرئيسي. تسهيل الوصول إلى المعلومات بالطرق المبتكرة يتطلب الحرص من الذكاء الاصطناعي في المتاحف.

• المتاحف تواجه التحديات الضرورية لجذب جيل الشباب الذي يفضل الشاشات على القاعات التقليدية.


مواد متعلقة