"دول أوروبية تخطط لسحب جنسية المتجنسين عند ارتكاب جرائم محددة"
الأحد 04 مايو 2025 - 04:56 ص
يشير محللون إلى أن المقترحات الأخيرة المتعلقة بسحب الجنسية من "المتجنسين" في حال ارتكاب جرائم معينة، والتي طُرحت في دول مثل السويد وفنلندا وألمانيا، تعكس تحولاً أوسع في التعامل مع الأجانب وحقوق الإنسان. وقد أثارت هذه المقترحات التي قدمتها الحكومة اليمينية السويدية، بدعم من حلفائها من اليمين المتطرف، جدلاً عالمياً كبيراً.
صرح سياسيون بأنهم يعملون على سحب الجنسية من مزدوجي الجنسية المدانين بارتكاب جرائم محددة، ما أدى إلى نقاش واسع النطاق في معظم عواصم العالم. ويشعر بعض المحلّلين بالقلق من أن تساهم هذه المقترحات في تقسيم المواطنين إلى فئتين، وتهميش مجتمعات بعينها مع صعود الأحزاب اليمينية والقومية المتطرفة.
ويقول أستاذ علم الاجتماع في جامعة "برن"، كريستيان جوبكه، أن "جذور هذه التغييرات تعود إلى أوائل القرن الحادي والعشرين، عندما بدأت حكومة المملكة المتحدة، بقيادة توني بلير، في اعتبار المواطنة امتيازاً وليست حقاً". حيث أصبحت المواطنة أمراً يُكتسب بصعوبة ويمكن فقدانه بسهولة.
وأضاف جوبكه: "فكرة المواطنة المكتسبة تعني أنه إذا أخطأتَ، يجب أن تكون قادراً على فقدانها أيضاً". ويشير إلى أن مقترحات دول مثل السويد وفنلندا وألمانيا تقدّم خطوة أبعد، حيث تشير إلى إمكانية سحب الجنسية في حال ارتكاب جرائم خطرة، وهذا توجه جديد تماماً.
بعد إعلان السويد عن خطط لتعديل الدستور بهدف سحب الجنسية في حالات معينة، بدأت آيسلندا في النظر في تعديلات مماثلة، بينما تدرس الحكومة الهولندية إمكانية سحب الجنسية بسبب جرائم تتصف بأنها "معادية للسامية".
وفي ألمانيا، أثار الاقتراح المقدم من فريدريش ميرتس من حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي/الاتحاد الاجتماعي المسيحي، جدلاً واسعاً، حيث أشار إلى إمكانية سحب الجنسية الألمانية من مزدوجي الجنسية المدانين بجرائم جنائية. وقد لقي الاقتراح انتقادات واسعة على المستوى السياسي والإعلامي.
الصحافية والمعلقة السياسية، جيلدا صاحبي، علّقت قائلة إن هذا الاقتراح يروّج لتمييز عنصري واتهمته بتطبيع مثل هذه الأمور، بل وفضحت انعكاساته السلبية على المجتمع الألماني، معتبرة أنه يعزز التفرقة بين المواطنين بناءً على أصولهم.
بالنسبة لجوبكه، فإن إعادة صياغة مفهوم الجنسية تعكس تأثير صعود اليمين المتطرف في الدول الغربية، وهي بلا شك جزء من استراتيجيات هذه الأحزاب للإبقاء على قبضتها على السلطة. وتساءل جوبكه عن وعود هذه الدول لمواطنيها، حيث انتهى العصر الذهبي للديمقراطية الاقتصادية والاجتماعية، وتركز الآن على الأمن الجسدي البسيط.
وفيما يتعلق بالقوانين الدولية وتقييدها لسحب الجنسية، فقد ركزت مقترحات سحب الجنسية في سياق الإرهاب على مزدوجي الجنسية بشكل خاص، كما أوضحت تانيا ميهرا من المركز الدولي لمكافحة الإرهاب في لاهاي.
وقالت ميهرا إن هناك تمييزاً واضحاً بين المواطنين بناءً على حملهم لجنسية واحدة أو اثنتين، مما يخلق فئات مختلفة من المواطنين، ويجعل مزدوجي الجنسية عرضة للعقاب المزدوج. وأشارت إلى ضرورة التحقق بدقة مما إذا كانت حقوق الإنسان تنتهك عندما يتم سحب الجنسية كإجراء ضد الجريمة.
وأظهرت أبحاث ميهرا أن بعض الأفراد تُركوا عالقين في بلدانهم دون جنسية بعد سحب الجنسية منهم، مما أدى إلى جعلهم أفراداً غير قانونيين وفقدوا حقوقهم في الإقامة والعمل في البلاد. ونتيجة لذلك، يصبحون عرضة للوقوع في قبضة الجماعات الإرهابية أو الإجرامية.
وفي الدنمارك، حيث تم توسيع قانون سحب الجنسية في عام 2021 ليشمل الجرائم المتعلقة بالعصابات، كان من الصعب تحديد تأثير هذه التغييرات على خفض مستويات الجريمة. وأوضح سومديب سين من جامعة روسكيلد أن هناك القليل من الأدلة التي تشير إلى أن هذه التغييرات كانت ناجحة في تحقيق الأمن.
لكن ما أصبح جلياً هو أن هذه السياسة وفرت "إطاراً قانونياً" لخطاب معادٍ للأجانب، محاولاً ربط الهجرة بالجريمة. وهذا يرتبط بشكل مبسط لبعض التصورات العامة للجريمة، بغض النظر عن الأبحاث التي لم تجد صلة ملحوظة بين معدلات الهجرة والجريمة في أوروبا.
بعد سنوات من ربط الدنمارك بين الجنسية والجرائم الخطرة، بدأ كثيرون يشعرون بتبعات هذه السياسة بشكل ملموس، مما زاد من شعورهم بتهميشهم وانقطاع روابطهم ببلدهم. وأشارت هذه السياسات إلى هشاشة اندماج بعض الفئات في المجتمع الدنماركي. انتهى المقال المستند إلى التقرير الأصلي من "الغارديان".
مواد متعلقة
المضافة حديثا