الألعاب الإلكترونية تلهي الطلاب وتؤدي إلى اضطرابات النوم

الأربعاء 10 ديسمبر 2025 - 11:14 م

الألعاب الإلكترونية تلهي الطلاب وتؤدي إلى اضطرابات النوم

سعيد المنهالى

حذر خبراء في التربية والأمن السيبراني من المخاطر الرقمية المتنامية المرتبطة باستخدام الطلاب للألعاب الرقمية خلال إجازة الشتاء، مؤكدين أن الألعاب الرقمية تمثل متعة آسرة، لكن وراءها مخاطر خفية قد تهدد السلامة النفسية والاجتماعية للطلاب.

تشير إحصاءات حديثة من استطلاع كاسبرسكي ومجلس الأمن السيبراني الإماراتي، إلى أن 91% من الأطفال يمارسون الألعاب الرقمية في أوقات فراغهم، ويمارس 52% منهم اللعب عبر الهواتف الذكية، بينما يعتمد 40% على الحواسيب.

أظهر الاستطلاع أيضاً أن 33% من أولياء الأمور يعتقدون أن أطفالهم يلعبون ألعاباً غير مناسبة لأعمارهم، فيما اعترف 30% من الأطفال بذلك بأنفسهم.

أشار تقرير اليونيسف لحماية الأطفال 2025 إلى احتمال استغلال الألعاب الجماعية من قبل شبكات إجرامية وجماعات عنف لاستدراج الأطفال، ما يؤكد أهمية التوجيه والإشراف المستمر لضمان سلامتهم الرقمية.

أعرب ذوو طلبة عن قلقهم من تنامي إقبال أبنائهم على هذه الألعاب في ظل غياب الرقابة، محذرين من التعرض للتنمر الإلكتروني والمحتوى غير الملائم وسلوكيات مالية ضارة. وتساءلوا: هل تكفي التوعية النظرية أم أن الإشراف المباشر من الأسرة والمعلمين بات ضرورة لتفادي الفخاخ الرقمية؟

قال خبراء إن الإفراط في الألعاب الرقمية يؤدي إلى اضطرابات النوم، وتشتت الانتباه، وانخفاض النشاط البدني، ومشكلات في القدرات الإدراكية بسبب التحفيز البصري والسمعي المكثف. يواجه الطلاب مخاطر التنمر الإلكتروني والتفاعل مع محتوى غير ملائم أو مجهولين، إضافة إلى احتمال الانغماس في عمليات شراء داخل التطبيقات تؤدي إلى سلوكيات مالية غير صحية.

يقول طالب الصف التاسع، سراج الدين عمر، إنه تعرض لمحاولات ابتزاز مالي عبر إحدى الألعاب الرقمية، ما أدى إلى تدخل أسرته والمدرسة لتوجيهه نحو كيفية حماية نفسه رقمياً.

حذر خبير الأمن السيبراني الدكتور فادي الحدادين، من غياب الرقابة الأسرية والتربوية، قائلاً إن بعض التطبيقات تعتمد تصميمات مضللة تدفع الطلبة للاستخدام المفرط وعمليات شراء داخلية قد تخلق أعباء مالية وسلوكيات غير صحية.

وأشار إلى أن الألعاب الجماعية متعددة المشاركين تشكل خطورة أكبر، إذ قد تعرّض الطلاب للتنمر الإلكتروني، والمحتوى غير الملائم والتفاعل مع مجهولين، مع تهديدات محتملة للخصوصية.

تشير نتائج تحليل بيانات مسوح أولياء الأمور ودراسات تربوية، ولقاءات مع خبراء مختصين إلى تباين المخاطر الرقمية بحسب الفئة العمرية للطلاب.

يفضل الأطفال من ست إلى 12 سنة الألعاب التعليمية والبسيطة مثل Minecraft في الوضع الإبداعي وRoblox المفلتر للأطفال. تقول الطالبة هند محمود من الصف الرابع: أحب لعب Minecraft مع أصدقائي، لكن أمي تحدد لي وقت اللعب حتى لا أشعر بالتعب أو أنسى واجباتي.

وينجذب المراهقون من 13 إلى 15 سنة إلى الألعاب المفتوحة ومتعددة اللاعبين مثل Fortnite وRoblox بوضع Survival، حيث تزداد مخاطر التنمر الإلكتروني والمحتوى العنيف الخفيف.

يقول عمر، طالب في الصف التاسع: أحياناً أواجه مضايقات من لاعبين مجهولين، لكن نصائح المدرسين وأصدقائي تساعدني على تجنبهم والإبلاغ عن أي محتوى ضار.

يميل المراهقون من 16 إلى 18 سنة إلى الألعاب التنافسية والعنيفة مثل PUBG وFree Fire وCall of Duty، حيث تظهر مخاطر الإفراط في اللعب وعمليات الشراء داخل التطبيقات.

أطلقت وزارة التربية والتعليم، برامج متكاملة لتعزيز السلامة الرقمية والأمن السيبراني للطلاب، حيث تركز الحلقة الأولى على المفاهيم الأساسية مثل البقاء آمناً على الإنترنت، وفهم الإنترنت، والعالم الرقمي.

وفي الحلقتين الثانية والثالثة يتدرج التركيز من الأمان في الإنترنت والسلامة السيبرانية، إلى الشبكات والأمن السيبراني، بهدف بناء معرفة متدرجة تمكن الطلاب من استخدام التكنولوجيا بثقة وأمان.

قال التربوي وليد فؤاد لافي: دمج البرنامج عملياً في الصفوف الدراسية، وإشراف أولياء الأمور، هما أساس تجربة رقمية آمنة ومسؤولة، فالطلاب يتعلمون القواعد النظرية ويطبقونها عملياً في الوقت نفسه.

يتباين الرأي بين الأهالي والمعلمين حول حرية استخدام الألعاب الرقمية، إذ يرى بعض الأهالي أن منح الأطفال حرية معتدلة مصحوبة بالتوعية الرقمية يعزز مهارات الاعتماد على النفس.

تؤكد والدة طالبة في الصف الثامن: أشجع ابنتي على اختيار الألعاب بنفسها، مع مراقبة خفية لأرى كيف تتعامل مع المواقف المختلفة وتتخذ قراراتها بشكل مستقل.

المعلمون يحذرون من ترك الطلاب من دون إشراف مباشر، لما قد يترتب عليه من مخاطر مثل التنمر الإلكتروني، والتعرض لمحتوى عنيف أو غير ملائم، أو الابتزاز المالي داخل التطبيقات.

أحمد حمزة، معلم التكنولوجيا في مدرسة ثانوية، أشار إلى حالات تعرض فيها الطلبة لمضايقات من لاعبين مجهولين، مؤكداً أن الإشراف الواعي لا يعني منع اللعب، بل توجيهه بطريقة آمنة.

قالت الخبيرة التربوية، منى جابر، إن التحدي الأكبر يكمن في إيجاد توازن بين الحرية والإشراف، مشيرة إلى أن إشراك الطلاب في وضع قواعد استخدام الألعاب بأنفسهم يشجعهم على الالتزام بالحدود.

أضافت أن هذه المقاربة تساعد على دمج التعلم الذاتي مع الحماية من المخاطر، ما يجعل التجربة الرقمية أكثر أماناً وفاعلية.

شدد خبراء التربية والأمن السيبراني على مجموعة من التدابير العملية لحماية الطلاب من المخاطر الرقمية، تبدأ بوضع حدود واضحة لاستخدام الشاشات، ودمج فترات نشاط بدني منتظمة.

أكدوا أهمية تفعيل أدوات الرقابة الأبوية وإعدادات الخصوصية المناسبة لكل فئة عمرية، وتعليم الطلاب التفكير النقدي والإبلاغ عن أي محتوى ضار أو مريب.

وأشاروا إلى ضرورة دمج الأنشطة الواقعية والهوايات والمناقشات العائلية ضمن الروتين اليومي للطفل، لتعزيز وعيه وحمايته.

تمثل الألعاب والتطبيقات الرقمية متعة وإبداعاً للطلاب، لكنها تحتاج لإشراف مستمر، وتكامل جهود الأسرة والمدرسة، لضمان تجربة رقمية آمنة ومتوازنة بين التعلم والاستمتاع.


مواد متعلقة