تصاعد العداء للأوكرانيين في بولندا: من الترحيب إلى التوتر

الثلاثاء 23 ديسمبر 2025 - 02:52 ص

تصاعد العداء للأوكرانيين في بولندا: من الترحيب إلى التوتر

منى شاهين

كانت الأوكرانية، فاليريا خالكينا، تتنزه مع زوجها وطفلتها البالغة من العمر أربع سنوات، عندما لفت انتباه رجل بولندي حديثهم باللغة الأوكرانية، فاعترض الرجل وطلب منهما تعليم طفلتهما اللغة البولندية، قبل أن يعتدي عليهما بالضرب.

وقعت الحادثة في مدينة شتشيتسين شمال غرب بولندا، وتجسد مناخ متنامٍ من العداء تجاه اللاجئين الأوكرانيين، تحولاً ملحوظاً مقارنة بالفترة الأولى للحرب الروسية على أوكرانيا في عام 2022.

بدأت موجة التعاطف مع الأوكرانيين تتراجع تدريجياً مع اقتراب الحرب من عامها الرابع. استطلاعات الرأي تشير إلى تزايد النظرة السلبية تجاه الأوكرانيين داخل بولندا، والحملات السياسية المتجهة نحو اليمين أسهمت في تعزيز هذا الشعور المعادي.

استنادًا إلى إحصاءات مفوضية الأمم المتحدة للاجئين، يعيش في بولندا نحو مليون لاجئ أوكراني. ولكن فاليريا خالكينا ليست من بينهم، فقد دخلت بولندا قبل عام 2022 وسكنت بها لسنوات طويلة.

تقول خالكينا: أشعر الآن بحرمانية أكثر من أوكرانية. ومنذ الاعتداء عليها، بدأت تعاني نوبات هلع نفسية، وطلبت من ابنتها الامتناع عن التحدث بالأوكرانية في الأماكن العامة.

رغم قسوة تجربتها، التي انتهت باعتقال المعتدي والسجن لمدة 14 شهراً، فإن الإساءة بسبب استخدام اللغة الأوكرانية أصبحت شائعة. تقول أليونا، وهي أوكرانية تعيش في بولندا، أنها تلاحظ تغير الأجواء تجاههم.

من الصعب تحديد حجم الاعتداءات الفعلية التي يتعرض لها الأوكرانيون، حيث أن الكثير منهم لا يبلغون الشرطة. استطلاعات الرأي تعكس تراجع تأييد استقبال اللاجئين من 94% إلى 48% وتراجع دعم انضمام أوكرانيا للاتحاد الأوروبي.

يرجع هذا التحول في المشاعر إلى عدة عوامل منها انتشار معلومات مضللة على الإنترنت وانتخاب كارول ناوروكي الذي دفع المشهد السياسي البولندي نحو اليمين وساهم في تأجيج العداء للأوكرانيين.

استخدام ناوروكي حق النقض ضد مشروع قانون حكومي كان يهدف لتوسيع الدعم المالي للاجئين الأوكرانيين واقترح تشريعاً يربط المساعدات بضرورة العمل. القانون الجديد يهدف لحل توافقي.

ألكساندر بيستريكوف من مؤسسة بيت وارسو يشير إلى ظهور مشاعر العداء على الإنترنت منذ عام 2023 واتهم بعض الجهات الروسية بتأجيج هذه التعليقات السلبية والتي بدأت تنتقل للواقع في صيف هذا العام.

نادراً ما كانت السلبية تتجاوز الإنترنت، لكن منذ الصيف تلقوا العديد من البلاغات عن هجمات فعلية مما يعكس تغيراً في الواقع المعيشي للأوكرانيين المقيمين في بولندا.

التاريخ المعقد بين بولندا وأوكرانيا يسهم في تغذية التوترات، حيث تذكر تفاصيل الصراع من الأربعينات لازالت حاضرة في الذاكرة الجماعية والشعور بالحساسية بين البولنديين.

رغم ذلك، لا يعاني كل الأوكرانيين المقيمين في بولندا، وأظهر استطلاع أن الأغلبية تتوقع بقاء أبنائهم سنوات طويلة في بولندا والتمييز ليس عاماً، خاصة بين سكان المدن الكبرى حيث الاحتواء والتعايش أعلى.

هذه التغيرات لا تقتصر على بولندا، بل تمتد لدول أوروبية أخرى مثل ألمانيا التي تعمل على قوانين تشديد شروط المساعدات للاجئين الأوكرانيين وتعبر عن مخاوفها من تزايد سفر الشباب الأوكرانيين لألمانيا.

المشاعر المعادية لأوكرانيا بدأت من الإنترنت حيث كان كل خبر يتعلق بكييف يقابله تعليقات سلبية منذ عام 2023.


مواد متعلقة