المشروع الوسطي بفرنسا يواجه خطر التفكك قريبًا

الإثنين 06 أكتوبر 2025 - 03:04 م

المشروع الوسطي بفرنسا يواجه خطر التفكك قريبًا

منى شاهين

الشأن الفرنسي

في 22 و23 سبتمبر، صعد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى منبر الأمم المتحدة في نيويورك، حيث ألقى خطابين مهمين. أقر الأول باعتراف فرنسا بدولة فلسطينية، بينما الثاني دافع عن التعددية ونال إعجاب أنصاره.

وقال ماكرون في خطابه: "لا حق لنا في السخرية. لا حق لنا في التعب. لا حق لنا في روح الهزيمة". ورغم فعاليته في السياسة الخارجية، يواجه مشروع ماكرون الوسطي تحديات كبيرة في الداخل الفرنسي.

رئيس الحكومة الفرنسية، سيباستيان ليكورنو، الذي تم تعيينه في سبتمبر الماضي، لا يزال يكافح لتشكيل حكومة فعالة. وإذا تمكن فريقه من الاستقرار، ستكون فرنسا قد شهدت خمس حكومات خلال عامين.

تلعب فرنسا دوراً مهماً في مستقبل أوروبا، لكن عدم استقرارها السياسي والبرلماني، والسوء المالي تخلق فجوة مقلقة في القارة.

إذا لم تتجاوز أحزاب الوسط خلافاتها، قد تقع السلطة في أيدي المتطرفين في الانتخابات المقبلة، مما يشكل خطراً كبيراً يتجاوز فرنسا إلى أوروبا بأكملها.

تولى ماكرون الرئاسة في سن الـ39 عاماً وتعهد بجمع المعتدلين من اليسار واليمين، لكنه يواجه الآن صعوبات في تحقيق هذا الهدف. يسعى إلى بناء حصن ضد الأيديولوجيات المتطرفة.

نجح ماكرون في اسقاط مرشحة اليمين المتطرف مارين لوبان مرتين في 2017 و2022، لكن الدعم للوسط يبدو في تراجع. حزب لوبان حقق مكاسب كبيرة في البرلمان، في حين تراجعت قوة الوسط تحت قيادة ماكرون.

في الانتخابات الرئاسية المقررة في 2027، تتصدر لوبان الاستطلاعات بجولات الإعادة، بينما يبدو أن المرشحين الوسطيين يواجهون صعوبة في تحقيق تقدم.

اليسار واليمين في فرنسا يشعران باليأس من نتائج الانتخابات، وهذا ما ظهر في خطاب الخبير جان بيساني فيري، الذي كان جزءاً من حملة ماكرون في 2017.

يقول فيري أن فرنسا قد تنزلق نحو الاستبداد، وإن لم يعرف السبب، لكنه يرى أن الأوضاع الحالية مقلقة للغاية.

ماكرون، رغم إعادة انتخابه في 2022، فقد فشل في الحفاظ على أغلبيته البرلمانية، وواجه صعوبة في تنفيذ الإصلاحات مما أثار استياء الشعب.

قراره بحل البرلمان في العام الماضي زاد من تعقيد الوضع، وشعبيته الآن في انخفاض ملحوظ، وتتحول بعض التأييدات إلى اليسار واليمين.

الوسط يواجه ضغطاً من كافة الجهات، خاصة مع التحولات السياسية في أوروبا نحو اليمين، مثل بريطانيا.

حزب لوبان يستعد لحكم فرنسا لعدة سنوات، وأصبحت شعبيته تتزايد مع زيادة قبول الناس له.

هذا الوضع وضع أحزاب الوسط في موقف دفاعي، وهي تكافح لتقديم أنفسها بديلاً للجناحي المتطرف.

وفي ظل هذه الضغوط، يزداد التحرك نحو اليمين في الانتخابات، لكن الوسطيات لا تزال تحتفظ ببارقة أمل.

من المتوقع أن الأشهر المقبلة ستكون محاولة لتوجيه الوسط إلى مزيد من الاتزان.

الثقة في الوسطية قد تتراجع إذا لم يتم التوصل إلى حل وسط سريع يمكن تطبيقه بفعالية، وسط تفاقم الأزمات.

تحتاج فرنسا إلى ثقافة التسوية السياسية لتعزيز الاستقرار، وهذا يعد تحدياً في الظروف الحالية.

فرنسا كانت مثالاً يحتذى به في مواجهة التطرف، لكن الوسط الآن يبدو على حافة الانهيار.

هذا لا يعني نهاية الوسطية في فرنسا، لكن الظروف تتغير، وتلك الظروف قد تكون حافزاً للتغيير الإيجابي.


مواد متعلقة