ترامب يقلل من شأن أوروبا لكنه يبرز أهميتها الجيوسياسية
السبت 20 ديسمبر 2025 - 03:34 ص
عندما يقضي الرئيس الأميركي دونالد ترامب، ونائبه جيه دي فانس، وعدد من أنصارهما، وقتهم في انتقاد أوروبا والتقليل من شأنها، فإن السؤال الأهم ليس مدى صحة هذه الانتقادات أو خطئها.
بل ما الذي يدفع القادة الأميركيين إلى تشويه صورة دول أوروبا التي تقع على الضفة الأخرى من المحيط الأطلسي؟
الجواب يكمن في الوزن الحقيقي الذي لاتزال أوروبا تتمتع به، ورغم الانتقادات، فإن هذا الاهتمام الأميركي السلبي يعد اعترافاً غير مباشر بأهمية أوروبا.
أوروبا تستمد أهميتها من نقاط قوتها، فمثلاً منذ الحرب الروسية على أوكرانيا في فبراير 2022، قدمت الدول الأوروبية الجزء الأكبر من المساعدات العسكرية والمالية لكييف.
أما اقتصاد الاتحاد الأوروبي، فهو يتفوق على الاقتصاد الروسي بثمانية أضعاف، أو حتى 10 أضعاف إذا ما أضيفت المملكة المتحدة.
ورغم أن دعم أوكرانيا ليس سهلاً، فإن هذه القدرة تشكل عائقاً أمام إدارة أميركية ترغب في إنهاء الحرب كعقبة لإعادة بناء العلاقات مع روسيا.
الشركات الأوروبية متأخرة في بعض مجالات التكنولوجيا مقارنة بالأميركية، لكن أوروبا أظهرت قوة عندما فرضت غرامة على شركة أميركية بسبب انتهاك قواعد الشفافية.
استراتيجية الأمن القومي الأميركي ترى في الاتحاد الأوروبي تهديداً لسيادة الدول، رغم أن إنشاء الاتحاد هو قرار سيادي للدول الأعضاء.
الاتحاد الأوروبي لا يشكل تهديداً للأمن الأميركي، فتسع وعشرون دولة منه هي حليفة لواشنطن ضمن «الناتو».
تزداد أهمية أوروبا أمام الإدارة الأميركية الحالية، وتقدمها الصحي واهتمامها بمعالجة القضايا العالمية تبرز تراجع المكانة الأميركية.
وبذلك تعكس أوروبا صورة سلبية عن أميركا لمواطنيها وللعالم الخارجي، مما يثير استياء ترامب.
وبالتالي، فإن الهجمات الأميركية ليست إنذاراً لأوروبا التي بدأت بالتأقلم مع التحديات وزيادة الإنفاق العسكري وتعزيز وجودها الدبلوماسي.
المفهوم التقليدي للغرب لم يعد قائماً، والولايات المتحدة تشن حرباً سياسية على أوروبا بينما تتجنب اعتبار روسيا والصين كتهديد.
على أوروبا أن تتصرف بوعي واستقلال دون مواجهة مباشرة مع الولايات المتحدة، خاصة في قرارات مثل الدعم المالي لأوكرانيا.
اتخذ الاتحاد الأوروبي قراراً بتجميد أصول روسية لدعم أوكرانيا وهو ما يتطلب احتراماً حتى من ترامب.
تفعيل هذه الإجراءات يحول دون عرقلة الحكومات الموالية لروسيا كالمجر، وبالتالي يمكن دعم أوكرانيا بقوة أكبر.
وبالفعل، توصل قادة أوروبا لاتفاق لتقديم قرض لأوكرانيا، رغم التحديات المتمثلة في استخدام الأصول الروسية المجمدة.
باتخاذ قرارات حاسمة، أوروبا تؤكد قوتها الحقيقية وتعزز الموقف التفاوضي لأوكرانيا ضد روسيا والولايات المتحدة.
كما يمكن أن تقترح أوروبا إرسال قوات عسكرية إلى أوكرانيا لضمان أمنها، إذا تحقق وقف إطلاق النار مع روسيا.
التهديدات الروسية تعتبر قوات أوروبا أهدافاً مشروعة؛ مما يعني أنها غير جادة في التوصل لتسوية سلمية.
يقع على عاتق أوروبا كشف النوايا الحقيقية لفلاديمير بوتين ودونالد ترامب، وإثبات قوتها وحضورها.
هناك الكثير مما يجب على أوروبا إنجازه، ورغم أن بعض الدول لم تستوعب حجم التهديدات، تسير القارة في الاتجاه الصحيح.
وعلى قادة الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة أن يعتبروا انتقادات ترامب تحذيراً لمراجعة التحالفات السياسية في السعي نحو السلام.
أوروبا تقدم في المجالات الحيوية يبرز تراجع مكانة أميركا، لذا يجب أن تنظر لهذا الواقع بعمق وحكمة.
الاتحاد الأوروبي لا يشكل تهديداً للأمن الأميركي؛ 23 دولة من أصل 27 حليفة ضمن «الناتو»، ما يعزز موقف أوروبا.
مواد متعلقة
المضافة حديثا