ما السر وراء عودة المرض الخبيث بعد الشفاء؟ الأطباء يجيبون

يعتبر السرطان من أبرز التحديات الصحية التي تواجه الأطباء في مختلف أنحاء العالم. أحد الأسئلة المحيرة هو لماذا يعود المرض للظهور مجددًا لدى بعض المرضى بعد سنوات من الشفاء؟ وكيف ينتشر المرض الخبيث من عضو لآخر في الجسم مما يعرف بـ "السرطان النقيلي".

ورغم عدم توفر بيانات إحصائية دقيقة، يُقدر العلماء أن ارتداد الإصابة بالسرطان يسبب وفاة نصف مرضى السرطان في العالم. اكتشاف آليات هذه العملية البيولوجية وفهمها يوفر أملاً جديدًا لملايين المرضى.

آنا جوميز، عالمة أحياء في مركز موفيت لعلاج السرطان بفلوريدا، أوضحت أن انتشار السرطان عملية معقدة، حيث تحتاج الخلايا الخبيثة لرحلة شاقة في الجسم. مثلاً، خلايا سرطان الثدي مهيأة للحياة في العضو الذي نشأت فيه وتواجه صعوبات كبيرة في البيئات الجديدة.

رغم أن العديد من الخلايا السرطانية تنفصل عن أورامها الأصلية، إلا أن القليل منها يتحول إلى نقيلات أو أورام مهاجرة. ماثيو فاندر هايدن، من معهد ماساشوسيتس للتكنولوجيا، وصف السرطان النقيلي بأنه محض حادث.

تتمتع الخلايا السرطانية بقابلية التكيف في البيئات الجديدة، ولديها القدرة على تعديل بعض خصائصها البيولوجية للحصول على الطاقة اللازمة للبقاء.

الخلايا الخبيثة قد تُعد الأنسجة الجديدة لاستقبالها بإشارات كيميائية قبل الوصول إليها، مما يسمح لها بإقامة بيئة مواتية لنمو الأورام.

تفضل بعض أنواع السرطان الانتقال إلى أعضاء معينة للعيش فيها. على سبيل المثال، سرطان البروستاتا يفضل انتشار المرض إلى العظام.

البعض من الأعضاء في الجسم تستطيع مقاومة انبثاثات الخلايا السرطانية بصورة فعالة، مثل العضلات الهيكلية التي تستهلك كميات كبيرة من الطاقة، وتفرز مركبات الأكسجين التفاعلية السامة للخلايا السرطانية.

بعض الأورام تحضر أعضائها المستقبلية عبر إطلاق خلايا في الدم، وهرمونات، وأحماض وراثية، وفقاعات دهنية تحمل رسائل كيميائية تعمل على تهيئة الأنسجة الجديدة لاستقبال الخلايا السرطانية.

البكتيريا تلعب دورًا في هذه العملية أيضًا، حيث تُعلم بعض أعضاء الجسم كيفية استقبال الخلايا السرطانية المهاجرة كما يحدث في الكبد والأمعاء.

قام فريق بحثي بقيادة أدريان بوار في نيويورك بدراسة خلايا انبثاثية من سرطان الثدي والرئة التي انتقلت للسائل النخاعي، ووجد أن الخلايا تمكنت من تعديل خصائصها لامتصاص الحديد والنمو في البيئة الجديدة.

اكتشف الباحثون أن تعطيل امتصاص الحديد في الخلايا السرطانية يؤدي إلى إطالة عمر الفئران المختبرية.

ما تزال البحث مستمر للتوصل إلى إجابات حول هجرة وازدهار الخلايا السرطانية داخل الجسم، حيث لا توجد وصفة علمية مؤكدة لمواجهة انبثاث الأورام السرطانية.