تراجع الشعبوية في أوروبا: تحول سياسي ملحوظ في هولندا

السبت 01 نوفمبر 2025 - 03:17 ص

تراجع الشعبوية في أوروبا: تحول سياسي ملحوظ في هولندا

ناصر البادى

قام الناخبون في هولندا بمعاقبة حزب يميني متطرف في الانتخابات الوطنية الأخيرة، بعدما تسبب في اضطرابات سياسية دامت لأشهر، وقرروا بشكل غير متوقع تأييد حزب يساري وسطي وعد بالاستقرار والأمل.

قد يكون هذا التغيير المفاجئ في المزاج نذيراً لحكومة أكثر اعتدالاً في هولندا، مما يدل على وضع في السياسة الهولندية وأيضاً على ارتفاع الشعبوية في أوروبا بشكل عام. وربما يوضح ذلك أنه حتى في أماكن كان يبدو أن اليمين المتطرف يسير فيها بخطى ثابته نحو السلطة، لا يزال من الممكن أن يواجه العثرات.

وعلق كريستوف جاكوبس، أستاذ العلوم السياسية في جامعة رادبود بالقرب من الحدود الألمانية: "كنا نظن أن زيادة قوة اليمين المتطرف كانت حتمية، وكأنهم أصبحوا غير قابلين للكسر، لكن تبين أنهم ليسوا كذلك دائماً."

وفقاً للإحصاءات الرسمية، خسر حزب الحرية اليميني المتطرف بقيادة خيرت فيلدرز، الذي حصل على السلطة في عام 2023، 11 مقعداً في مجلس النواب الهولندي، بينما من المتوقع أن يتساوى مع حزب يسار الوسط الديمقراطي، المعروف باسم "دي 66"، الذي سيصبح أكبر كتلة برلمانية.

كانت هذه النتيجة بمثابة توبيخ لحزب فيلدرز، الذي حقق في انتخابات 2023 الحصة الكبرى من المقاعد بفارق كبير.

وكان فيلدرز، الذي يعتبر شخصية شعبوية متطرفة، قد حفز هذه الانتخابات بعدما انسحب حزبه من الائتلاف الحاكم في يونيو، مما أدى إلى فوضى سياسية استدعت انتخابات مبكرة.

خلال فترة حكمه، أخفق حزب فيلدرز في تنفيذ دعواته الراديكالية بشأن الحد من اللجوء وإعادة النظر في السياسات المناخية.

صرح جاكوبس بأن "الانتخابات أظهرت إمكانية عقاب الجماعات اليمينية المتطرفة التي لا تفي بوعودها".

أضاف جاكوبس: "كان يبدو في الماضي أنه لا شيء يمكن أن يمس بهم لأن الناخبين اطمأنوا إلى خطابهم".

بناءً على عدد المقاعد التي خسرها حزب فيلدرز مقابل تلك التي حصل عليها حزب يسار الوسط في تصويت الأربعاء الماضي، من المتوقع أن يهيمن سياسيون أكثر اعتدالاً على الائتلاف الحاكم المستقبلي.

لم يتخل الناخبون تماماً عن اليمين المتطرف لأنه لم يكن من المتوقع أن يتساوى حزب الحرية في الحصول على معظم المقاعد فحسب، بل أن أحزاباً أصغر ذات توجه مماثل حصت العديد من المقاعد التي فقدها.

في السنوات الأخيرة، شكلت السياسة الهولندية نافذة على أحد أكبر التوجهات السياسية في القارة، تزامناً مع شعبية حزب الحرية.

رسخت الشعوبية اليمينية المتطرفة جذورها في جميع أنحاء القارة، حيث تصدرت أحزاب التجمع الوطني الفرنسي وحزب البديل لأجل ألمانيا والإصلاح البريطاني استطلاعات الرأي مؤخراً، مع ذلك واجهت تلك الأحزاب نتائج مختلطة في الوصول إلى السلطة.

وفي الوقت الذي ابتعد فيه اليمين المتطرف في ألمانيا عن السلطة، ارتفعت شعبية حزب فوكس الإسباني لكنه لا يزال بعيداً عن الهيمنة، بينما تصاعد ثم انحسر اليمين في بريطانيا ويبدو الآن في صعود مجدداً.

بالنسبة لأوروبا، أوضحت الانتخابات الهولندية أن التصريحات اللاذعة وحدها لا تكفي للاحتفاظ بالناخبين. كان حزب فيلدرز القوة الدافعة وراء ائتلاف كثيراً ما كان يعاني من اختلالات وظيفية، والذي انتهى بالانفجار.

قال رينيه هندريكس، متطوع في مركز اقتراع في لاهاي: "أعتقد أن هولندا قد سئمت قليلاً". رشح حزب دي 66، الذي يحمل اسم عام تأسيسه، بناءً على برامج انتخابية بدت مناهضة لأفكار اليمين المتطرف. شعار الحزب "يمكن إنجازه"، له أصداء قوية مع شعار الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما عام 2008 "نعم نستطيع". عن نيويورك تايمز

أدار روب جيتن، زعيم حزب دي 66 الوسطي، حملة انتخابية اتسمت بالتفاؤل.

قال كريستوف جاكوبس، أستاذ العلوم السياسية، إن "الحملة كانت نقيض النظرة المتشائمة لخيرت فيلدرز من حزب الحرية اليميني المتطرف".

في أوروبا، أظهرت الانتخابات الهولندية أن التصريحات اللاذعة ليست كافية للاحتفاظ بتأييد الناخبين.

رغم تصدر أحزاب اليمين المتطرف استطلاعات الرأي، واجهت جهودها للوصول إلى السلطة نتائج متفاوتة.


مواد متعلقة