في أجواء احتفالية مفعمة بالنشاط، علت أصوات المحتفلين وهم يرددون تهاني السنة الجديدة بلغة الخمير، معلنين: "ساوسدي تشنام ثيمي"، أو "كل عام وأنتم بخير"، فيما ارتدى البعض ألوان أعلام الولايات المتحدة وكمبوديا، تعبيراً عن هويتهم المزدوجة.
رددت الجماهير في الشارع بفرح عبارات "عام جديد سعيد"، مأكدة وحدة الجالية الكمبودية التي احتشدت بالآلاف في شوارع لونج بيتش بولاية كاليفورنيا بمناسبة بداية السنة الكمبودية الجديدة.
يعتبر هذا التجمع السنوي حدثاً بارزاً يقام خارج كمبوديا، حيث تضم منطقة لونغ بيتش أكبر جالية كمبودية بالشتات. يأتي الاحتفال الذي يستمر ثلاثة أيام عقب انتهاء موسم الحصاد بجنوب شرق آسيا.
الاحتفال في هذا العام كان له طابع خاص، إذ إنه النسخة الـ17 للمهرجان ويتوافق مع الذكرى الـ50 لبداية حكم الخمير الحمر؛ النظام الشيوعي الذي حكم كمبوديا عام 1975 وارتكب جرائم إبادة جماعية.
العديد من المشاركين في الاحتفال هم من الناجين أو أبنائهم الذين فروا من العنف ليستقروا في الولايات المتحدة. يجتمع في لونغ بيتش حوالي 20 ألف شخص من جالية الخمير، مما يجعلها التجمع الأكبر خارج آسيا.
تحدثت سيثيا شين، رئيسة مجلس بلدة كمبوديا وواحدة من الناجين بفخر عن الاحتفال: "يظهر الحفل قوة وإصرار مجتمعنا"، وأوضحت أنها منذ وصلت الولايات المتحدة كمراهقة تسعى لتعزيز الربط بين مجتمعها وجذوره الثقافية.
وقال زوجها، ريتشر شين، إن فكرة المهرجان نشأت عام 2005 لدعم مجتمع الخمير وتشجيع الاقتصاد المحلي عبر دعم الشركات الصغيرة.
وسط المهرجان، كانت الأطباق الكمبودية التقليدية تحتل مكانة هامة كجزء من الاحتفال حيث انشغلت صوفي كوت بتحضير طبق "أسياخ لحم البقر" الشهير.
وقالت صوفي إن "الطعام الكمبودي فريد من نوعه، ويعتمد على مكونات صحية"، بينما أشارت كارين إنغ أن المهرجان ينمو سنوياً ويعزز دعم المجتمع وحفظ الهوية.
على أحد المسارح، استمتعت الجماهير بأداء فرقة موسيقية كمبودية لمجموعة من الأغاني الكلاسيكية، ملهمة الأجيال المختلفة للانضمام للاحتفال.
الرهبان البوذيون باركوا المشاركين بينما كانوا يشاركون في الرقصة التقليدية للأطفال التي ملأت الشوارع بأجواء من المرح والفرح.
نجح الاحتفال في استعادة الذكريات وخلق روابط جديدة بين الأجيال المختلفة ما بين الماضي والمستقبل.
تحدثت تيغ سيدا عن تجربته حين أخذ أحفاده للاحتفال، مشيراً إلى رغبته في الحفاظ على ثقافته بعيدة عن كوارث الماضي.
الأبعاد النفسية للاحتفال تلعب دوراً مهماً بين الناجين من الحرب والصدمة النفسية، وأشار ريتشر إلى الشعور الطبيعي بالخجل من التحدث عن الصدمة.
في حين أن الاحتفالات تشكل فرصة للناجين والعائلات لمعالجة الماضي والاحتفال بالثقافة بفرح وانتماء.
الأزياء التقليدية الكمبودية والإكسسوارات الحديثة شكلت مزيجاً فريداً في الاحتفال، مما أظهر التفاني والاعتزاز بالهوية.
كلو فورنسوفان أكدت أهمية الإبقاء على الثقافة وتعدي الماضى المرير، وشين ساون أبرز التقدير للمهرجانات على أنها تجمع رائع يبرز ثراء الإرث الثقافي لشعبه.
ميلا كريستنسين أعربت عن سعادتها بالاحتفال برفقة ابنتها، مشيرة إلى أهمية الأحداث في تذكير الأجيال الجديدة بعدم إعادة أخطاء الماضي.
سيثيا شين تحدثت عن التحول الذي أحدثته المهرجانات في تحسين الهوية الجماعية والتعافي من الصدمات المتوارثة بين الأجيال.
أظهرت الدراسات أن الأسر الكمبودية ما زالت تعاني من اضطرابات ما بعد الصدمة، مما يجعل الاحتفالات فرصة للتغلب على تلك التحديات.
تعد تجمعات الكمبوديين في الولايات المتحدة من الأنشطة البارزة التي تسهم في تعزيز الانتماء الثقافي بين أفراد الشتات.