حريق فندق أولوفسون يثير الحزن على رمز ثقافي لهايتي
الخميس 24 يوليو 2025 - 03:45 ص

اندلعت مشاعر الحزن في هايتي إثر اشتعال النيران في فندق أولوفسون، الذي يُعتبر علامة ثقافية ومعمارية في عاصمة هايتي، بورت أو برنس، في ليلة الخامس من يوليو الحالي. ووفقًا لوسائل الإعلام المحلية، فإن الحريق هو رد من عصابات مسلحة على عملية للشرطة في محيط الفندق.
يُنظر إلى دمار الفندق بأنه دليل صارخ ومؤلم على الحالة المتردية للعاصمة، وأن الثقافة النابضة بالحياة تكاد تتلاشى مع استمرار الجماعات الإجرامية المسلحة في ممارسة الإرهاب.
فندق أولوفسون، القصر الفخم الذي يعود إلى القرن التاسع عشر، كان يستقبل مشاهير مثل إليزابيث تايلور وميك جاغر وغراهام غرين. وقد بُني القصر عام 1887 على طراز خبز الزنجبيل المزخرف. كان يمثل جاذبية للأثرياء والمشاهير في الستينات والسبعينات، وعاد للحياة في الثمانينات كمركز لعازفي موسيقى الفودو وللمراسلين الأجانب.
كانت مشاهدة الفندق المُزخرف بأخشابه التي تشبه الدانتيل وهي تحترق وتتحول إلى رماد مؤلمة لزوار المكان السابقين الذين أسرهم سحره الخارق.
علق المؤرخ الهايتي، جورجس مايكل، الذي كان يزور الفندق يوميًا، بأنه كان مكانًا رائعًا يسبق الزمان والمكان، وكان رمزًا لهايتي وموطنًا له.
يحلم البعض بإعادة بناء فندق أولوفسون عندما تعود بورت أو برنس لحالة مقبولة، لكن تخطيط ذلك يبدو صعبًا بينما تترنح هايتي نحو نقطة اللاعودة، وفق تحذيرات الأمم المتحدة مع ارتفاع القتلى للآلاف.
خلال السنوات الأربع الأخيرة، دأبت الجماعات المعارضة للحكومة على ترويع بورت أو برنس، وحرق المنازل والسيطرة على العاصمة، وعزلها عن باقي البلاد. في 1 يونيو 2021، سيطرت العصابات على جزء من الطريق الوطني الجنوبي إلى المدينة.
تم اغتيال رئيس الدولة جوفينيل مويس في يوليو، ما أثار أزمة سياسية حالت دون تشكيل حكومة، وتم إطلاق مجلس رئاسي لإعداد الانتخابات بعد موجة جديدة من الهجمات التي مكنّت العصابات من السيطرة على مناطق واسعة في بورت أو برنس. وفق الأمم المتحدة في يناير 2024، نزح مليون شخص وقُتل نحو 5600 على يد العصابات.
سيطرت الجماعات المسلحة على منطقة قرب أولوفسون في يناير وأجبرت السكان والموظفين على المغادرة، ما أدى لإغلاق الجامعات القريبة. وحدثت عملية أمنية في المنطقة يوم الحريق لكن سبب الحريق لم يحدد بعد نظرًا لصعوبة التحقيق بسبب الاشتباكات.
قال المهندس المعماري الهايتي، دانييل إيلي، أن حرق الفندق كان جزءًا من خسارات متعاقبة للثقافة الهايتية المتلاشية.
كان أولوفسون جزءًا من الحركة الأصيلة بين 1915 و1945، التي سعت لاستعادة الإرث الإفريقي وصوت الريفيين في هايتي. أوضح إيلي أن الفندق يتجاوز العمارة ليحمل أهمية ثقافية.
مثّل الفندق تحفة للهندسة المعمارية على طراز خبز الزنجبيل، وهو نمط كان سائداً في بورت أو برنس في النصف الثاني من القرن 19، مستلهمًا من الاتجاهات الأوروبية آنذاك.
وفق إيلي، وهو خبير في التراث، تعززت الطبقة البرجوازية الأوروبية الصناعية بأنماط قديمة مجدددة، وكانت العائلات في هايتي ترسل أبناءها لأوروبا لتعلم الأفكار الجديدة.
تم استيراد بعض المنازل من أوروبا وصممت من قبل مهندس فرنسي يُعرف: السيد ليفري. وجرى تجميعها في هايتي من قبل بنّاء فرنسي.
بخلاف المباني الحديثة، نجت هياكل خبز الزنجبيل مثل أولوفسون من زلزال 2010 بفضل هيكلها الخشبي المرن. الكثير منها اندثر بسبب التحضر ولم يبقَ سوى بضع عشرات منها، حسب الخبراء.
على مر السنين، استضاف الفندق رؤساء هايتيين مثل فيلبرون غيوم سام في 1915 ورينيه بريفال في القرن 21، إضافة للعديد من الفنانين والمشاهير والكتاب.
روائيون مثل غراهام غرين استلهموا أعمالهم مثل رواية الكوميديون من الفندق، والتي حُولت لفيلم في 1967.
كان الفندق وجهة للنخبة الأجنبية الباحثة عن المغامرات عبر الستينات والسبعينات، كما شهدت المصورة شانتال ريغنولت عندما أقامت هناك للمرة الأولى في 1979.
قالت أن التجربة ذكرتها بالطائرات الخاصة ومجلة فوغ التي كانت ترسل مصوريها لالتقاط الصور هناك.
في سياق مشابه، أكدت مسؤولة الأمم المتحدة غادة والي أن العصابات تسيطر على 90% من بورت أو برنس مع تعرض البلاد للفوضى ونقص الخدمات العامة.
من جانبه، شددت ميا موتلي رئيسة الكاريكوم على الحاجة للدعم العالمي لهايتي، منتقدة العجز الدولي عن حشد المساعدات رغم الخسائر الفادحة وانعدام الأمن الغذائي.
دعت موتلي لإجراء محادثات صريحة مع المجتمع الدولي حول أمكانية تقديم المساعدة لهايتي، مشيرة إلى محدودية قدرات الكاريبي على التصدي للوضع المتدهور.
مواد متعلقة
المضافة حديثا