أوكرانيا في انتظار أسلحة دفعت ثمنها بملايين الدولارات
الأحد 18 مايو 2025 - 04:04 ص

كشفت تحقيقات صحيفة "فايننشال تايمز"، اعتماداً على وثائق حكومية أوكرانية مسربة وملفات قضائية، بالإضافة إلى عشرات المقابلات مع مسؤولين في مجال المشتريات وتجار ومصنعي أسلحة، كيف ذهبت مئات الملايين من الدولارات التي دفعتها كييف لوسطاء أسلحة أجانب لتأمين معدات عسكرية حيوية، خلال السنوات الثلاث الماضية من الحرب.
مع استمرار أوكرانيا في مواجهة تفوق روسيا في إنتاج الذخيرة، أصبحت البلاد ضحية لتقلبات سوق الأسلحة الدولية. في بعض الحالات، دفعت كييف مبالغ ضخمة مقدماً لشركات غير معروفة مقابل معدات لم تصل حتى يومنا هذا. ويقول مسؤولون إن الأسلحة التي اشترتها أوكرانيا بأسعار مرتفعة وصلت في حالة سيئة لا يمكن استخدامها.
حتى الآن، دفعت أوكرانيا 770 مليون دولار مقدماً لوسطاء أسلحة أجانب من أجل أسلحة وذخائر لم تُسلم، بحسب أرقام وزارة الدفاع الأوكرانية. هذه الأرقام تشكل جزءاً كبيراً من ميزانية أوكرانيا السنوية للأسلحة، التي تراوح بين ستة مليارات وثمانية مليارات دولار.
في الوقت نفسه، تدّعي بعض شركات الأسلحة الأجنبية أنها كانت ضحية لصراعات داخلية وفساد من قبل المسؤولين الأوكرانيين ووسطاء الأسلحة الحكوميين. وقد يكون هذا أحد الأسباب وراء الملايين المفقودة، حيث تحاول حكومة كييف تنظيف نفسها. طردت إدارة الرئيس زيلينسكي العديد من مسؤولي مشتريات الأسلحة الأوكرانيين السابقين واتهمت بعضهم بالفساد.
أكد كبار المسؤولين الأوكرانيين السابقين أن استخدام الوسطاء الأجانب كان ضرورياً، حيث ساعدوا في الحصول على كميات ضخمة من الذخيرة من دول لا ترغب في الظهور كأنها تبيع أسلحة لأوكرانيا بشكل مباشر لأسباب جيوسياسية.
في إحدى الحالات، في أبريل 2022، وفقاً لوثائق محكمة أوكرانية، اشترت شركة الوساطة الحكومية الأوكرانية للأسلحة "أوكرسبيتس إكسبورت" قذائف هاون من بائعين اتضح لاحقاً أن لديهم علاقات بجهاز الأمن الفيدرالي الروسي.
ويقول وزير الدفاع الأوكراني السابق، أوليكسي ريزنيكوف، إن كل وسيط سلاح هو تاجر موت عملي ومتشائم وليس لديه مفهوم للعدالة. وقال: "لديّ أسلحة في مخازني، إن أردتها فاشترها، وإن لم ترِدها فسأبيعها لعدوك".
في الأسابيع التي تلت الحرب بين روسيا وأوكرانيا، أدرك المسؤولون في كييف أن مخزونهم من الذخيرة يكفي فقط لشهرين. وأطلقت الحكومة عملية لحشد الأسلحة من مصادر غير تابعة للناتو.
تاريخياً، كان تصدير جزء من إنتاج الأسلحة الأوكراني يتم عبر شركات تجارة حكومية. ولكن الآن الوضع اختلف حيث اندفع الوسطاء للاتصال بعملائهم القدامى للحصول على أي معدات ممكنة وسط زيادة الطلب على الأسلحة لحرب الخنادق.
تجار الأسلحة الأجانب، معظمهم أميركيون وأوروبيون، وجدوا فرصة في وضع أوكرانيا الصعب. أسعار الذخيرة السوفييتية تضاعفت أربع مرات في النصف الأول من عام 2022.
أكد دينيس شارابوف، نائب وزير الدفاع السابق، أنه تلقى سيلاً من عروض الأسلحة من جهات جديدة تسعى للاستفادة من الصراع. تلقى نحو 25 ألف عرض لشراء أسلحة خلال فترة عمله التي استمرت 18 شهراً.
تجري أربع وكالات إنفاذ قانون أوكرانية تحقيقات في عقود أبرمت مع وسطاء أجانب. بعض القضايا رفعت ضد مسؤولين في مجال المشتريات، لكنها لم تؤدِ بعد إلى اتهامات رسمية. يرى نشطاء أن التخلص من هؤلاء الوسطاء ضروري لخفض الأسعار وتجنب الصفقات الفاشلة.
لكن في ظل سعي أوكرانيا لتسليح قواتها، هددت إدارة ترامب بقطع الدعم العسكري للبلاد. بعض المسؤولين الأوكرانيين يعتقدون أن ذلك سيضر باكتفاء كييف الذاتي.
عن "فايننشال تايمز"
مواد متعلقة
المضافة حديثا