مستحضرات تجميل للأطفال: ظاهرة تبهر السطح وتخفي الحقيقة

الخميس 26 يونيو 2025 - 12:16 ص

مستحضرات تجميل للأطفال: ظاهرة تبهر السطح وتخفي الحقيقة

ضاحى بن سرور

حذّر أطباء ومختصون من الاهتمام المبكر والمقلق للأطفال بمستحضرات التجميل ومنتجات العناية بالبشرة. هذه الظاهرة الموصوفة بـ"الهوس المبكر بالجمال" ليست فقط خطراً على البشرة، بل تؤثر على توازنهم النفسي وهويتهم. الشركات تُغذي هذا التوجه عبر وسائل التواصل الاجتماعي لتحقيق أرباح، متجاهلةً خصوصية المرحلة العمرية والمخاطر الصحية المحتملة.

وذكر مختصون أن بعض الشركات تخصص منتجات تجميل "خاصة بالأطفال" تحتوي على مواد فعالة كيميائية، مثل الريتينول والأحماض المقشرة والجلايكوليك، التي قد تلحق الضرر بالبشرة الحساسة للأطفال. وأكدوا أن هذه المنتجات قد تسبب التهابات وحساسية وحتى مشكلات جلدية طويلة الأمد.

تحدث الأطباء عن الأثر النفسي لهذه المنتجات، حيث تربط الطفلة مظهرها الخارجي بقيمتها الذاتية، مما يحول الجمال إلى معيار للقبول الاجتماعي، ويسبب اضطرابات نفسية، مثل فقدان الثقة بالنفس والقلق والاكتئاب، على حساب القيم الحقيقية مثل الإبداع والذكاء.

ودعوا الأمهات والآباء إلى تحمل مسؤولية التوعية، واحتواء الانجراف المبكر، مع تعليم الأطفال أن العناية الشخصية تكون لأجل الصحة والراحة، ولا يجب تقليد "تريندات" لا تناسب أعمارهم. وأكدوا على ضرورة فرض ضوابط صارمة على تسويق منتجات التجميل للأطفال ومراجعة مكوناتها.

دعا الدكتور إبراهيم كلداري، استشاري الأمراض الجلدية، إلى التنبه من الاستهداف التجاري المتزايد للأطفال بين عمر ثمانية و10 سنوات من قبل شركات التجميل، موضحاً أن بشرتهم حساسة ولا تتحمل المواد الكيميائية القوية مثل الريتينول والأحماض المقشرة.

وأضاف كلداري أن بشرة الأطفال لا تزال في طور النمو وتحتاج لمنتجات خفيفة، مثل المرطبات والشامبو اللطيف وواقي الشمس المخصص للأطفال. ما دون ذلك يُعتبر استهلاكاً غير ضروري قد يؤثر سلباً على صحة الجلد.

وأشار إلى خطر استخدام المقشرات والكيميائيات التي تزيد الجفاف وتعرض الطفل للإكزيما ومشكلات جلدية مزمنة. ودعا الأهالي لتوعية أطفالهم بمخاطر الانجرار وراء "تريندات" مستحضرات التجميل على الوسائط الاجتماعية، التي غالباً ما تروج لمنتجات غير موثوقة تستهدف الأطفال.

طالب الدكتور أنور الحمادي بضرورة التمييز في اختيار المنتجات الملائمة للفئة العمرية الصغيرة، مشدداً على أهمية تجنب المنتجات القوية التي يمكن أن تُلحق الضرر بالبشرة الحساسة للأطفال.

وأشارت أخصائية علم النفس السريري، ريتا دحدل، إلى أن استخدام الأطفال لمنتجات العناية بالبشرة في سن صغيرة يرتبط بدوافع نفسية تتعلق بتكوين الهوية والشعور بالاستقلال والانتماء والقبول الاجتماعي. وتلعب وسائل التواصل دوراً في تأجيج هذا السلوك.

كما أكدت أن الإفراط في التركيز على المظهر الخارجي يربط تقدير الذات عند الأطفال بالمظاهر السطحية فقط، ما يولد قلقاً وعدم الرضا عن الجسد والمقارنات المستمرة مع الآخرين، وتلك العوامل تؤثر بشكل عميق على الصحة النفسية للأطفال.

ونصحت الأهل بتعلم أطفالهم التفكير النقدي تجاه الرسائل الإعلامية، خاصة تلك التي تروج لمعايير جمال غير واقعية ومدفوعة بمصالح تجارية، مع التركيز على الجوانب الجوهرية في الطفل لبناء ثقة داخلية قوية.

وأشارت مرام المسلم، الأخصائية النفسية، إلى أن استخدام الأطفال لمستحضرات التجميل يعكس حب الاستكشاف والرغبة في العناية بالمظهر، مدفوعة بالمحتوى الرقمي على المنصات الاجتماعية. لكن هذه المنصات غالباً ما تفرض معايير غير واقعية للجمال.

وأضافت أن الاستغراق المفرط في مستحضرات التجميل قد يؤدي إلى اضطرابات نفسية، مثل انخفاض الثقة بالنفس والقلق والاكتئاب، مما قد يتطلب تدخلاً علاجياً في سن مبكرة إذا لم تتحقق الصورة الجمالية المروج لها.


مواد متعلقة