السباق الأوروبي نحو التسلّح: الطموحات تتفوق على الميزانيات المبهمة

الأربعاء 16 أبريل 2025 - 06:47 ص

السباق الأوروبي نحو التسلّح: الطموحات تتفوق على الميزانيات المبهمة

ناصر البادى

تتزايد المطالب لتعزيز القدرات الدفاعية الأوروبية، وتتساءل الدول الأوروبية عن مدى قدرتها على مواجهة روسيا بدون اعتماد على الدعم الأميركي، في حالة نشوب حرب مستقبلية.

ورغم أن فكرة إنشاء بنك لإعادة التسلّح تعتبر واعدة، إلا أن الشكوك تحوم حول مدى توفر تمويلات حقيقية لدعم هذا المشروع الطموح.

في هذا السياق، كشفت المفوضية الأوروبية عن خطة لتسليح بقيمة 876 مليار دولار، بزيادة كبيرة في الإنفاق الدفاعي لدول الاتحاد الأوروبي الـ27 بنسبة 1.5% من الناتج المحلي الإجمالي لكل دولة.

هذا التنفيذ يواجه تحديات سياسية واقتصادية كبيرة بسبب الديون العامة العالية في عدة دول. تحتاج فرنسا إلى 47 مليار دولار إضافية سنوياً رغم أن ديونها تفوق 113% من ناتجها المحلي. كذلك، إيطاليا ستزيد إنفاقها بنحو 34.7 مليار دولار سنوياً، في ظل دينها العام البالغ 136% من الناتج المحلي.

أساليب جديدة:

الدول الأوروبية تسعى لابتكار طرق لتمويل التسلّح مثل إنشاء بنك الدفاع والأمن لجذب الاستثمارات للصناعات الدفاعية. ينفق الناتو 472 مليار دولار سنوياً على المعدات، منها 113.4 مليار من دول الاتحاد الأوروبي. يمكن أن يرتفع هذا الرقم إلى 195.1 مليار دولار مع التنفيذ الناجح لخطة إعادة التسلّح.

فعالية هذا البنك ما زالت مشكوك فيها، حيث تسعى الحكومات لنقل التكاليف والمخاطر لشركات الدفاع مع تخفيف الضغط على موازناتها. في أفضل الأحوال، قد يساهم في ضبط التكاليف بدلاً من تقليصها فعلياً.

التحديات:

الوضع في المملكة المتحدة يعكس هذه التحديات. كشف مكتب التدقيق الوطني في ديسمبر 2023 عن عجز في خطة وزارة الدفاع لمدة عقد، الأكبر منذ 2012، وضعت قبل عامين من بدء الحرب في أوكرانيا.

ارتفعت تكاليف المعدات بنسبة 27% بين 2022 و2023 استناداً إلى سيناريو الإنفاق المحتمل. في "أسوأ الأحوال"، قد تبلغ الزيادة في التكاليف نحو 102 مليار دولار، قد ترتفع إلى 133 مليار دولار مع تجاوزات محتملة أخرى.

فشل الإدارة:

في مارس 2024، أكد البرلمان البريطاني إخفاق وزارة الدفاع في إدارة التكاليف لأكثر من 1800 مشروع. تاريخها مليء بالفشل، مثل الإنفاق الزائد بـ550 مليون دولار على مشروع مركبات "واريور"، أو 3.2 مليارات دولار على برنامج حاملات الطائرات الجديدة.

كذلك، تأخر برنامج "تشالنجر3" بنسبة 59% في التسليم. البرنامج النووي يشكل أكبر الضغوط على الميزانية، يستحوذ على 62% من الإنفاق الدفاعي.

بريطانيا تعمل على برنامج مشترك مع الولايات المتحدة لإنشاء جيل جديد من الغواصات ضمن برنامج "أوكوس" الذي يشمل أستراليا أيضاً. رغم ذلك، الجيل الحالي من غواصات "أستيوت" لم يدخل الخدمة إلا منذ 10 سنوات.

لدى بريطانيا برنامج لتصميم رؤوس نووية جديدة بالتعاون مع الولايات المتحدة، بينما تأخر برنامج غواصة "دريدنوت" بسبع سنوات عن موعده المحدد.

تقليص الرواتب:

بالرغم من الاستثمارات الضخمة، تقلصت الأموال المدفوعة للجنود في ظل ارتفاع تكاليف المعدات. استمرت ميزانية أجور الجنود بتراجع وصل إلى 10% منذ 2010 وقلصت في 2024-2025 بمقدار 3.2 مليارات دولار.

التحدي الأكبر:

التحدي الأكبر هو التفاوت بين جيوش أوروبا وروسيا. لم يتضح بعد إن كانت الخطة الأوروبية ستنجح في بناء جيوش أكبر. بريطانيا وبولندا الأكثر حماسة لإنشاء بنك التسلّح، فبريطانيا مستثناة من برنامج قروض دفاعية أوروبي يهدف لدعم المشتريات، خصوصاً لأوكرانيا.

البنك يُفترض أن يدعم الصناعات الدفاعية بعائدات تجارية بينما يهدف برنامج القروض لدعم عاجل للأسلحة، لكن المبادرتين قد لا تكونان كافيتين بسبب التردد الأوروبي في تمويل الدفاع بمبالغ ضخمة.

إيان براود، باحث ومستشار اقتصادي بالسفارة البريطانية بين 2014 و2019. يتساءل عن جدية الخطط الأوروبية لتقوية دفاعاتها في ظل مواقف سياسية مترددة. قد تكون تلك الخطط مجرد "أموال وهمية" إذا تطورت إلى كساد اقتصادي عالمي يقوده ترامب.


مواد متعلقة