"إحتيال مَزارع وهمية: تجارة مواشي إلكترونية خادعة"

الأربعاء 16 أبريل 2025 - 07:34 ص

إحتيال مَزارع وهمية: تجارة مواشي إلكترونية خادعة

عبد الله الغافرى

لا تزال عمليات الاحتيال الإلكتروني تحصد ضحايا جدداً، مع استمرار المحتالين في ابتكار طرق مبتكرة، توقع الضحايا في شباك الخداع، رغم التحذيرات الرسمية المتكررة من التعامل مع الحسابات المشبوهة على منصات التواصل الاجتماعي.

رصدت منصات التواصل الاجتماعي انتشار حسابات تنتحل صفة مزارع متخصصة في بيع المواشي، مستخدمة رخصاً تجارية مزورة وصورا مفبركة، تحدد مواقع وهمية عبر تطبيق "غوغل ماب"، لتوحي بمزرعة حقيقية على أرض الواقع.

وفقاً لما ذكره عدد من الضحايا، يقدم المحتالون عروضهم الرقمية بمستوى احترافي، مستخدمين صوراً عالية الجودة ومحتوى تسويقياً جذاباً يمنحهم صدقية مؤقتة، تنهار بسرعة بعد تحويل الأموال إليهم، إدراكاً بأنهم وقعوا في فخ محكم.

قال المواطن أحمد الرئيسي، الذي تعرض لاحتيال بعد مشاهدة إعلان على تطبيق "إنستغرام" لبيع خراف محلية بأسعار تبدأ من 700 درهم، إن الحساب وثق العرض بفيديوهات وصور من مزرعة مجهزة، ما عزز شعوره بالثقة، خاصة مع استخدام لهجة محلية متقنة.

وأوضح الرئيسي أنه حول مبلغ 45 ألف درهم للدخول في تجارة المواشي، لكنه لم يتلق تأكيداً بعد ذلك، ومحاولاته للتواصل عبر "واتس أب" باءت بالفشل.

ذكرت المواطنة سلامة محمد الكعبي أنها دفعت 10 آلاف درهم رغبة منها في زيادة عدد رؤوس الحلال لدى والدها، بعدما جذبها إعلان عبر "إنستغرام" لبيع خراف بأسعار مغرية.

أضافت أن المعلن أرسل لها موقعاً على "غوغل ماب" يظهر مزرعة في منطقة نائية، ووعدها بإرسال المواشي خلال يومين، إلا أنه تخلف عن الموعد، وحين تواصلت معه هاتفياً، ادعى أن الشحنة تأخرت بسبب كثرة الطلبات.

تابعت أنها انتظرت أكثر من أسبوعين دون جدوى، وقررت الذهاب إلى الموقع لتكتشف أن المزرعة المزعومة ليست سوى أرض جرداء.

راشد الزعابي لم يتصور أن يكون ضحية احتيال إلكتروني، بعد أن كان يستخف بالأشخاص الذين يُخدعون عبر منصات التواصل الاجتماعي، قبل أن يجد نفسه في الموقف ذاته.

ويقول الزعابي، الذي ورث مهنة تربية المواشي عن والده: "شاهدت إعلاناً على (تيك توك) يروج لبيع أغنام بأسعار أقل من السوق، فاتصلت بالبائع وتحدث معي باللهجة الإماراتية بكل ثقة ومصداقية."

أضاف أنه تواصل مع الرقم ورد عليه شخص يتحدث باللهجة الإماراتية ويمتلك معرفة دقيقة بأنواع المواشي المطلوبة محلياً، ويتحدث بثقة كبيرة لا توحي بأي شكوك.

اخترت الخراف من خلال الصور التي أرسلت لي على "واتس أب"، وسددت 14 ألف درهم، لكن بعدها اختفى كل شيء، فلم أتمكن من الوصول إلى الشخص مرة أخرى.

أكد خبير ورئيس شركة البحر للاستشارات الاقتصادية، إبراهيم عبدالله البحر، أن أساليب الاحتيال المرتبطة ببيع المواشي أصبحت أكثر احترافية، حيث يستغل المحتال العاطفة وعدم الخبرة، ويعرض منتجات بأسعار مغرية أقل من السوق، ما يوقع حتى أصحاب الخبرة في الفخ.

أوضح البحر أن المحتالين يستغلون منصات التواصل للترويج لحسابات تدعي بيع الخراف بأسعار منخفضة، تحت مبرر التصفية، ويشترطون التواصل عبر "واتس أب" لتجنب الملاحقة القانونية.

استعرض البحر تجربة شخصية كاد يقع ضحيتها، حيث صادف إعلاناً يروّج لبيع خروف بسعر منخفض، وبدت صور الإعلان احترافية، ما دفعه للتفكير في شراء 20 رأساً، قبل أن يدرك أن العرض مجرد احتيال.

المحتالون يطلبون تحويل المبالغ مسبقاً مقابل إرسال الموقع لتسليم الماشية، لكن في الواقع لا توجد مزرعة ولا شحنة، ما يجعل الضحية يعتقد بوجود مشروع حقيقي، حيث يعتمد المحتالون على اللهجة المحلية لتضليل الضحايا.

وأكد البحر أن التحويلات تتم إلى حسابات محلية، ما يمنح العملية طابعاً رسمياً، ويصعب الشك فيها. نصح بعدم الانجرار خلف العروض المغرية، وزيارة الموقع أو التأكد من اعتماده رسمياً قبل الشراء.

دعا البحر إلى الإبلاغ عن الاحتيالات ومتابعة القنوات الرسمية في حال الشك، مؤكداً أن القانون صارم ضد هذه الجرائم، ولكنه يعتمد على تعاون الأفراد.

حذرت شرطة رأس الخيمة من عمليات الاحتيال الإلكتروني التي تستهدف الباحثين عن عروض مغرية، مؤكدة أهمية الاعتماد على القنوات الرسمية ومنافذ البيع الموثوق بها، وتجنب العروض غير المنطقية.

نبهت الشرطة لأهمية استخدام وسائل دفع آمنة، وتجنب التحويلات البنكية أو الدفع النقدي غير المضمون، وأكدت الاستمرار في مواجهة أساليب الاحتيال المتجددة بالتوازي مع نشر الوعي المجتمعي.

أكد المستشار في الأمن السيبراني، عبدالنور سامي، أن إنشاء حسابات وهمية على التواصل الاجتماعي سهل ولا يتطلب سوى استخدام رقم هاتف مؤقت، أو بريد إلكتروني مجاني، يجعل الضحية تصدق بوجود مشروع حقيقي.

يجب عدم الانخداع بالحساب لمجرد توثيقه، لأن التوثيق ليس مقياساً لنزاهة البائع، ويجب الاعتماد على التطبيقات المعتمدة في الدولة أو زيارة السوق المحلية.

دعا إلى عدم التعامل مع الحسابات غير الموثوقة والإبلاغ عن أي حساب مشبوه، لحماية الآخرين ومنع تكرار حالات الاحتيال. وأضاف أن المحتالين يعتمدون تسويقاً متقدماً يتفوق على وعى الأفراد.


مواد متعلقة