سبّ الأزواج عبر الإنترنت: أذى لا يستدعي التفريق القضائي
الجمعه 24 أكتوبر 2025 - 02:53 ص
في السنوات الأخيرة، شهدنا تحول الرسائل النصية والمحادثات الإلكترونية إلى أدوات مستخدمة في دعاوى الطلاق للضرر. هذا الأسلوب يبرز نظراً لأنه يعكس تحول الخلافات الزوجية من كونها أسراراً منزلية إلى أحداث توثق عبر وسائل التواصل الاجتماعي، حيث تُسجل الكلمات وتحفظ الرسائل، لتتحول لاحقاً إلى أدلة يُحتج بها أمام القضاة.
من جانب آخر، يُفرّق القانون الإماراتي بين الإساءة التي يعاقب عليها قانوناً والضرر الذي يُعتد به في قضايا التفريق. يستند بعض القانونيون إلى أن المحادثات الغاضبة أو الألفاظ الجارحة عبر الوسائل الإلكترونية لا تُعد دليلاً كافياً على الضرر الموجب للطلاق، إلا ما إذا تم دعمه بأدلة قانونية منصوص عليها.
يشيرون إلى أن المشرع الإماراتي يميز بين الجريمة الإلكترونية والضرر الأسري، فالتفاعل الغاضب أو الكلمات الساخطة لا تشكل أسباباً كافية لتفكيك الزواج، ولا يُقبل الطلاق بسبب رسالة إلكترونية غاضبة.
المحاكم الشرعية تتخذ نهجًا حذرًا في التعامل مع الأدلة الرقمية، إذ قد يتم اجتزاؤها أو التلاعب بها. ولا يُحكم بالطلاق للضرر إلا عند ثبوت أذى حقيقي أو إساءة فاضحة تبدد إمكانية استمرار الحياة الزوجية.
ادى ذلك إلى رفض محكمة الشارقة الشرعية الاستئنافية دعوى طلاق للضرر، اعتمدت على رسائل واتس أب اعتبرتها الزوجة إهانات متكررة، مؤكدة أن هذه الأدلة غير كافية لغياب الأدلة القانونية أو الشهادات.
أكد المحامي والمستشار راشد الحفيتي أن النزاعات الأسرية غالباً ما تبدأ في المنزل لكنها تنتقل إلى الوسائل الرقمية، ومع ذلك لا تعُتبر هذه الرسائل دليلاً قاطعاً ما لم يصدر عن جهات توثق المصدر أو السياق الزمني.
يضيف الحفيتي أن المحاكم تتطلب أدلة مادية مستقلة لإثبات الضرر، مثل شهادة الشهود أو تقارير طبية أو البلاغات الرسمية. في نفس السياق، القانون لا يمنع تقديم الرسائل الإلكترونية كأدلة، ولكن لا تعتبر منفردة كافية لإثبات الوقائع الزوجية.
السب هو جريمة مستقلة، يوضح المحامي سعيد الزحمي أن السب أو الإهانة عبر التواصل الاجتماعي جريمة جزائية يُعاقب عليها القانون الإماراتي، ولا تستخدم كدليل على الضرر الموجب للطلاق.
من جهته، يصرح القانوني الدكتور فهد الظهوري بأن الطلاق يتطلب إثبات ضرر مستمر أو فاحش يجعل استمرار الحياة الزوجية مستحيلاً، مشدداً على عدم تفعيل التفريق إذا كان الضرر يسير أو طارئ.
أشارت المحامية فاطمة آل علي إلى أن القانون الإماراتي يعتبر سب الزوج لزوجته سبباً مقبولاً لطلب الطلاق، متى ثبت الأذى النفسي بين الأزواج. تشرح أن التفريق بين قانون العقوبات وقانون الأحوال الشخصية يُظهر أن الأول ينظر للجرم كتصنيف جزائي، بينما الثاني يركز على التأثير الأسري.
المادة 43 من المرسوم الاتحادي لعام 2021 تجرم السبّ الإلكتروني، مشيرة إلى أن تقديم بلاغات الجريمة الإلكترونية يُعتبر جزءاً من الأدلة أمام المحكمة.
الاتهامات عبر الوسائل الاجتماعية تتطلب دليلاً مادياً لدعم القضية، وإثبات الضرر النفسي أو المادي يمكن أن يكون سبباً للطلاق وفقاً لقانون الأحوال الشخصية.
مواد متعلقة
المضافة حديثا