النار: اكتشاف الإنسان لها يعود إلى 400 ألف سنة
الجمعه 12 ديسمبر 2025 - 09:34 ص
اكتشف علماء أقدم دليل معروف حتى الآن على إشعال النار على يد إنسان ما قبل التاريخ في مقاطعة سوفوك الإنجليزية، حيث وجدوا موقدًا يُعتقد أن إنسان نياندرتال صنعه قبل 415 ألف سنة تقريبًا، مما يثبت أن هذا الحدث الهام في تطور جنسنا حدث قبل الوقت المعروف سابقًا، وفقًا لرويترز.
في حفرة طينية قديمة لصنع الطوب بالقرب من قرية بارنهام، عثر الباحثون على قطعة من الطين المحترق وبعض الفؤوس المصنوعة من الصوان والمحطمة بفعل الحرارة وقطعتين من البيريت الحديدي، وهو معدن يصدر شرارات عند ضربه بالصوان لإشعال المواد القابلة للاشتعال، وقد وصفوا هذا الاكتشاف بأنه موقد نار استخدم مرارًا وتكرارًا.
يقع الموقد بالقرب من مسطح مائي صغير كان أولئك البشر يخيمون عنده. قال عالم الآثار نيك أشتون، المكلف بمجموعات العصر الحجري القديم في المتحف البريطاني في لندن وقائد فريق الدراسة التي نُشرت في مجلة نيتشر العلمية يوم الأربعاء: نعتقد أن البشر جلبوا البيريت إلى الموقع بقصد إشعال النار، ولهذا الاكتشاف تبعات هائلة إذ يدفع إلى الوراء تاريخ أقدم إشعال متعمد للنار.
حتى الآن، يعود أقدم دليل معروف على إشعال النار إلى نحو 50 ألف سنة مضت في موقع في شمال فرنسا، وينسب أيضًا إلى إنسان نياندرتال.
كان استخدام النار بشكل يخضع للسيطرة حدثًا مفصليًا في تاريخ السلالة البشرية، ليس فقط للطبخ والحماية من الحيوانات المفترسة، بل أيضًا لتوفير الدفء الذي أتاح للصيادين العيش في البيئات الأشد برودة. قال روب ديفيس، عالم الآثار في المتحف البريطاني وأحد المشاركين في الدراسة: في أماكن مثل بريطانيا، تعد من المناطق ذات البيئات الباردة.
وبفضل الطهي، تمكن أسلافنا من القضاء على مسببات الأمراض في اللحوم والسموم في الجذور والدرنات الصالحة للأكل. جعله الطهي أيضًا أسهل هضمًا وأكثر طراوة، مما أتاح للجسم توفير قدر من الطاقة في الجهاز الهضمي لتغذية تطور الدماغ.
يعود تاريخ موقع بارنهام الذي ينتمي للعصر الحجري القديم إلى ما قبل أقدم الحفريات المعروفة للإنسان العاقل (هومو سابينز) في أفريقيا. يُعتقد أن أفراد إنسان نياندرتال، الأقرب تطورياً للبشر المعاصرين، هم من أشعلوا النار، وهذا دليل آخر يظهر ذكاء وبراعة هؤلاء البشر القدماء، خلافاً للصورة النمطية المشوهة عنهم في الثقافة الشعبية.
قال كريس سترينجر، المتخصص في دراسة الإنسان القديم والباحث المشارك في الدراسة، إنهم لم يجدوا بقايا أحافير بشرية في موقع بارنهام. لكنه أشار إلى العثور، في منتصف القرن العشرين، على أجزاء من جمجمة بشرية عمرها نحو 400 ألف سنة، تحمل سمات إنسان نياندرتال على بعد أقل من 160 كيلومتراً إلى الجنوب.
قال سترينجر إن أجزاء الجمجمة المكتشفة تتطابق مع أحافير إنسان نياندرتال من موقع يسمى "سيما دي لوس هويسوس" أي "حفرة العظام"، قرب بورجوس في إسبانيا، ويعود تاريخها إلى نحو 430 ألف سنة. وأضاف: لذا فمن المرجح جداً أن مشعلي النار في بارنهام كانوا من أوائل إنسان نياندرتال، مثل سكان سوانسكومب وسيما.
وانقرض إنسان نياندرتال منذ ما يقرب من 39 ألف عام بعد فترة ليست طويلة من اجتياح الإنسان العاقل للأراضي الأوروبية التي كانوا يعتبرونها منزلهم. لكن إرثهم باقٍ في الجينات الوراثية لمعظم البشر على الأرض، بفضل التزاوج بين الإنسان العاقل وإنسان نياندرتال قبل انقراضهم.
مواد متعلقة
المضافة حديثا