الخطر الديموغرافي في الصين يهدّد مكانتها الاقتصادية العالمية
الثلاثاء 14 أكتوبر 2025 - 04:54 م

تواجه الصين اليوم تحديات داخلية تعود جذورها للنزيف السكاني، وليس خوفاً من النزاعات الخارجية. إذ تراجعت نسبة النمو السكاني خلال العقود الماضية بمستويات صادمة لم يحسب لها حساب.
تبعات هذا الانخفاض لم تكن طفيفة، فهي تؤثر على الصين كلها، وكذلك على النطاق الاقتصادي العالمي، حيث أصبحت تطال سلاسل الإنتاج في تقنيات حديثة وجوهرية كالأجهزة النقالة والسيارات الكهربائية.
تعتقد لويز لو، رئيسة قسم اقتصادات آسيا في "أكسفورد إيكونوميكس"، أن قلب التراجع في النمو السكاني لم يعد خيارًا واقعياً. فالتأثيرات تمتد عميقاً إلى عمق الاقتصاد، متوقعة انخفاض النمو الاقتصادي بنسبة 0.5% سنوياً.
في عام 1990 كان متوسط أعمار الصينيين 23.7 عامًا، وكان معدل الإنجاب يفوق 2.5 طفل لكل امرأة، وهو أعلى بكثير من المعدل اللازم للحفاظ على حجم سكان مستقر. لكن هذه الأرقام تغيرت بصورة كبيرة في عام 2023.
الفئة المتوسطة العمريّة ارتفعت إلى حدود 39.1 عامًا، والإنجاب انخفض إلى طفل واحد بالمعدل لكل امرأة. وأوضحت أرقام التعداد في 2022 أن عدد السكان حاليًا آخذ في التناقص بعد أن وصل القمة عند 1.4 مليار نسمة.
صارت الصين الآن على درب غير مبشر. التوقعات لأمم المتحدة تشير إلى انخفاض السكان بحلول عام 2050 ليصل عددهم إلى 1.26 مليار، مع تفاقم توزيع الأعمار، حيث سيكون كبار السن نسبة أكبر مقارنة بالشباب.
ووفقاً للتوقعات، عدد سكان الصين في 2100 سينخفض إلى النصف، ببلوغ 633 مليون نسمة، أغلبية منهم فوق سن الـ60 وهوة كبيرة بين نسب الأعمار السكنية.
سياسات الإنجاب التي فرضتها الصين في السبعينات والقيود الجائرة مثل سياسة الطفل الواحد التي بدأت 1979، كانت تدّخب في هذا التحول. إجبار العائلات على التعقيم والإجهاض إضافة لغرامات ضخمة كانت وسائل فرض السيطرة الرسمية.
هذه السياسات رافقها انخفاض حاد في المعدلات الإنجابية، ما جعل الحكومة تُلين القواعد في 2015، لكن رغم ذلك الانخفاض بقي مستمرًا، حتى بعد منح الوالدين حقوقًا لإنجاب أطفال إضافيين.
الآن متوسط تربية الطفل في الصين يُعتبر مكلفًا للغاية، حيث يُقدّر بحوالي 74,963 دولارًا لكل طفل، وصولاً إلى أضعاف هذا المبلغ في مدينة مثل شنغهاي.
الحكومة تسعى الآن لإيجاد حلول مع تحركات مالية لدعم الأسر، حيث قدمت 500 دولار سنوياً للعائلة، لكن الانتقادات تُشير إلى أن الدعم يجب أن يكون أكثر فعالية بكثير.
النظام الاجتماعي الصيني يُعاني؛ فمعدلات الزواج في 2024 انخفضت إلى 6.1 ملايين زواج فقط مقارنة بـ2013. يُعتبر الزواج مؤشراً حاسما على توقعات معدلات الولادة، ما يدفع الحكومة للدعاية لتشجيع الزواج والنسل.
الشباب الصيني الآن يضع شروطًا جديدة لحياته، باعتبار المتع والاهتمامات الخاصة أفضل من الالتزام بالزواج وتربية الأطفال، مما يزيد من تفاقم انخفاض السكان.
ليست المشكلة فقط الولادات الجديدة، بل في الحقيقة متوسط العمر المتوقع يتزايد، مما يعني شريحة واسعة من كبار السن البقاء لمدة أطول، الأمر الذي يضغط بشكل كبير على معاشات التقاعد.
الصين التي استفادت من عمالتها الرخيصة وفيرة التسجيل كمصنع للعالم، قد تخسر هذه المكانة الآن مع تناقص الأيدي العاملة في سنها المناسب.
يتضح أن الإجابة ليست بعدد الأيدي العاملة فحسب، بل يمكن بمرونة الشباب للعمل ضمن الصناعات. لكن الأجيال الجديدة باتت أقل رغبة في العمل داخل المصانع.
مواد متعلقة
المضافة حديثا