وظائف غير حقيقية تستغل الباحثين في غسيل أموال غير مشروعة

الثلاثاء 09 ديسمبر 2025 - 10:53 ص

وظائف غير حقيقية تستغل الباحثين في غسيل أموال غير مشروعة

ضاحى بن سرور

حذر خبراء قانونيون وتقنيون من خطر إعلانات التوظيف الوهمي عن بُعد، حيث يتم خداع الباحثين عن العمل عبر عروض وظيفية مغرية ورواتب مرتفعة، دون أن يدركوا أنهم يتم استخدامهم كأدوات لتمرير أموال مجهولة المصدر، مما قد يعرضهم للمساءلة القانونية.

يؤكد الخبراء أن هذه الأساليب تبدأ عادة برسائل قبول فوري دون إجراء مقابلات أو اختبارات، حيث يُطَلب من الباحث تزويد الجهة الوهمية ببياناته الشخصية وفتح حساب مصرفي بحجة استكمال إجراءات التوظيف. ثم يحصل الضحية على مهام بسيطة توحي بأن الوظيفة حقيقية. بعد ذلك، تُحول مبالغ مالية إلى حسابه كراتب أو دفعة تشغيلية، ويُطلب منه إعادة إرسالها لحسابات أخرى.

تتمثل خطورة الاحتيال في استغلال خديعة تحويل الأموال للحسابات المصرفية، حيث يُستغل حساب الأفراد لتسهيل نقل أموال غير مشروعة بعلم أو دون علم منهم، مما يعد من أخطر الأساليب التي تؤثر في الأمن المالي. يُدعى الأفراد المجندون لهذا الغرض بناقلي الأموال، حيث يتلقون مبالغ في حساباتهم ثم يرسلونها لجهات أخرى مقابل عمولات أو وعود بأرباح سريعة.

تبدأ عملية الاستدراج من خلال إعلانات وظائف أو رسائل عبر البريد الإلكتروني ووسائل التواصل الاجتماعي، تعرض عملاً بسيطاً مقابل دخل مرتفع، مما يؤدي إلى تورط الشخص في نشاط مالي غير قانوني، ويعرضه للمساءلة القانونية وخسارة أمواله.

تظهر خطورة هذه المخططات من خلال علامات مريبة مثل تلقي عروض لم يتم التقدم لها، ووعود برواتب عالية مقابل مجهود بسيط، أو طلبات متكررة لتحويل الأموال مع الإلحاح على التنفيذ السريع دون تحقيق، وكذلك مشاركة البيانات المصرفية أو فتح حسابات لتلقي الأموال للآخرين.

تفيد مدربة التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي والتسويق الرقمي، المهندسة خلود الحبسي، بأن نطاق العمل عن بعد وتزايد الاعتماد على التوظيف الرقمي أدى إلى انتشار رسائل القبول الفوري دون مقابلة أو امتحان مهني. رغم أن هذا الأسلوب يبدو غريباً، فإنه يجذب من يبحث عن فرصة جديدة بسرعة دون التدقيق في تفاصيله.

تبدأ الحيلة بإسناد مهام توحي بأن العمل حقيقي، يليها وصول مبلغ مالي لحساب الضحية بمسمى راتب أولي، مما يزيد ثقة الضحية في الجهة المحتالة. قد يطلب منهم بعد ذلك تحويل المبلغ لحساب معين بحجة معاملة تخص عميل، مما يورطهم في عمليات غسل أموال. أحياناً يُستغل حساب الضحية فقط لاستقبال الأموال قبل أن تسحب بجانب استخدام بياناتهم الشخصية لفتح حسابات إضافية.

هناك سيناريوهات تتكرر كثيراً حيث يظهر اسم الضحية في تحقيق مالي بعد تتبع تحويلات مشبوهة، لتُكتشف أنهم جزء من عملية غسل أموال. يبين الحبسي أن الجانب الأخطر في هذه العمليات هو قدراتها على محاكاة مؤسسات حقيقية، بإنشاء مواقع إلكترونية واستخدام لغة رسمية لإضفاء مظهر الاحترافية.

خطوات عدم الوقوع في هذه الحيل تتضمن التأكد من ترخيص المؤسسة وأنها مسجلة في قواعد البيانات الحكومية، والتحقق من وجود الشركة ورقم ترخيصها، حيث أن الشركات القانونية تترك أثراً واضحاً. رغم الواجهة الاحترافية، قد تكون هذه الشركات مجرد غطاء لعمليات مشبوهة.

يضيف المحامي والمستشار راشد الحفيتي أن عروض الرواتب العالية والأعمال الإضافية المحدودة الوقت تستغل لإيقاع الباحثين عن عمل في مخالفات جنائية خطرة. يبدأ العرض بمهام بسيطة وتنتهي بعمليات مالية غير مشروعة تحت غطاء مهام تشغيلية أو جزء من عقد الوظيفة.

يوضح أن المحتالين يمنحون الضحية عقود عمل بصيغة تبدو رسمية، ثم يطلبون تنفيذ مهام تتعلق بالأموال. تشمل الطلبات تحويل مبالغ أو استخدام مكاتب الصرافة، ويختلف نوع الطلبات حسب نوع الجريمة. يُستغل الضحية كأداة لغسل أموال دون إدراكه لذلك.

يُفضل استخدام حسابات الإماراتيين لرفع المصداقية أمام البنوك، ويدعي المحتال أنه ممثل الشركة مما يضع الضحية في مأزق قانوني وحده، لأن الجهات المختصة تحاسب الشخص الذي استخدم حسابه. خسر عدة أفراد أموالهم وتورطوا في قضايا لغسل أموال بسبب التوقيع دون تحقق من الشركات المشبوهة.

يتضح أن بعض المحتالين يستقطبون آلاف الباحثين عبر وسائل التواصل الاجتماعي مع وعود برواتب أفضل عند تنفيذهم لمهام جديدة، مما يجعل الضحايا يستبدلون بغيرهم في خطة متكررة لاستغلال الحاجة للوظائف.

تشير المحامية حنان سالم البايض إلى أن أخطر ما يواجهه الباحثون عن العمل هو الانسياق وراء عروض تبدو مغرية، لكنها في الواقع بوابات لجرائم مالية منظمة. يعتقد البعض أن العقد أو الاتفاقية المكتوبة تحميهم قانونياً، لكنه اعتقاد خاطئ، حيث أن استقبال الأموال وتحويلها يعتبر جريمة وفق القانون.

الجهل بالقانون لا يعفي من المسؤولية، والقوانين تنظم مكافحة غسل الأموال بوضع مسؤولية التحقق عن مشروعية مصدر الأموال وتحذر استخدام الحسابات الشخصية لأغراض تحويل الأموال للغير، حيث تعتبر ذلك من الدلائل على النشاط الإجرامي. السلامة المالية مسؤولية شخصية، والتحقق من مشروعية أي تعامل مالي ضرورة لا يمكن التهاون فيها.


مواد متعلقة