كابول معرضة لخطر الجفاف الكامل قريباً

الأحد 17 أغسطس 2025 - 10:38 م

كابول معرضة لخطر الجفاف الكامل قريباً

ناصر البادى

على مدار نصف القرن الماضي، أصبحت كابول مدينة تعاني من تحديات معقدة ومتشابكة. وبرغم تاريخها العنيف، تواجه العاصمة الأفغانية اليوم مشكلة مختلفة تماماً، تتمثل في أزمة مياه تهدد بالتحول إلى كارثة إنسانية.

وفقاً لدراسة أجرتها منظمة «ميرسي كوربس»، فإن كابول تواجه أزمة مياه حادة، حيث يتجاوز استخدام المياه خاصتها معدل إعادة التغذية الطبيعية بمقدار 44 مليون متر مكعب سنوياً. إذا استمرت هذه الظروف، قد تصبح كابول أول عاصمة كبرى تستنفد مواردها المائية الجوفية بالكامل.

أشارت «ميرسي كوربس» إلى أن المياه في طبقات كابول الجوفية انخفضت بنحو 25 إلى 30 متراً خلال العقد الماضي. تأتي معظم هذه المياه من ذوبان الثلوج والجليد في جبال هندوكوش، حيث لا تصل مياه الأنابيب المركزية إلا لنسبة محدودة من السكان.

في السنوات الأخيرة، تعرضت نصف آبار كابول للجفاف، بينما تعمل الآبار المتبقية بكفاءة 60% فقط. يعتمد معظم سكان كابول على المياه التي يتم جلبها من الآبار لتلبية احتياجاتهم الأساسية، ما يضع ضغوطاً إضافية على الموارد المتاحة.

بدون تدخل عاجل، تتوقع الأمم المتحدة أن تستنفد كابول إمداداتها من المياه الجوفية بحلول بداية العقد المقبل، مع إلقاء اللوم على تغير المناخ والتوسع العمراني كأسباب رئيسية.

تعاني كابول من تحديات موارد جمة. أزمة المياه هنا نتيجة لتغير المناخ وسوء الإدارة. في السنوات الأخيرة، شهدت البلاد انخفاضاً في هطول الأمطار وارتفاعاً في درجات الحرارة أديا إلى زيادة التبخر وتفاقم أزمة المياه الزراعية.

التوسع السكاني السريع زاد من الضغط على الموارد المائية. سكان كابول تضاعف عددهم ست مرات خلال 25 عاماً، لكن لم يتم تطوير نظام فاعل لإدارة المياه.

بالرغم من تمويل الجهات الدولية العديد من مشاريع السدود لمعالجة شح المياه، معظم هذه المشاريع توقفت فجأة بعد انسحاب القوات الأميركية في 2021.

زيادة على هذا، تبقى حالة المياه الجوفية سيئة، إذ أظهرت الدراسات أن نحو 80% من المياه الجوفية ملوثة بسبب أنظمة الصرف الصحي والنفايات الصناعية غير الفعالة.

يعاني السكان الذين لا يمكنهم حفر آبار عميقة للحصول على مياه نظيفة. تُستغل الأزمة من قبل الشركات الخاصة التي تستخرج المياه وتعيد بيعها للمواطنين بأسعار مرتفعة.

تقترح منظمة «ميرسي كوربس» تعزيز التعاون مع القطاع الخاص كوسيلة مستدامة لمعالجة الأزمة، وتطلب من المنظمات غير الحكومية التركيز على تنظيم المياه لضمان توفيرها بفاعلية وأمان لسكان المدينة.

تشير التقارير إلى أن توسيع البنية التحتية يمكن أن يحسن الوضع، لكن المشاريع الكبيرة لا تزال تعاني من نقص التمويل وعوائق التخطيط.

إغلاق برنامج الوكالة الأميركية للتنمية الدولية كان ضربة كبيرة لأفغانستان، حيث لم يتم توفير سوى جزء بسيط من التمويل المستهدف لمشاريع المياه.

تقرير «ميرسي كوربس» يسلط الضوء على التهديدات التي تواجه الصحة والاستقرار في العاصمة، مشيراً إلى ضرورة تحسين إدارة المياه وتوجيه التمويل نحو البنية التحتية الاستراتيجية لتجنب كارثة وشيكة.

وصلت أزمة المياه في كابول إلى نقطة تحول خطيرة، حيث يتجاوز استخراج المياه الجوفية معدل إعادة التغذية، مع جفاف نصف الآبار تقريباً. تتطلب الأزمة استثماراً مكثفاً ومنسقاً لتفادي الجفاف الكامل.

الوصول إلى المياه مشكلة، إذ تنفق بعض الأسر 30% من دخلها على المياه، ما يزيد من الديون المتعلقة بها. البيانات القديمة وضعف التنسيق يعوقان الجهود لتحسين الوضع.

أما سكان كابول، فيعتمد 90% منهم على المياه التي تُستخرج من الآبار لتأمين احتياجاتهم الأساسية، مما يُظهر حجم التحدي ويؤكد الحاجة الملحة للعمل سريعاً على الحلول الواقعية والمستدامة.


مواد متعلقة