مسؤولية السائقين: عقوبات صارمة لوفاة المرافقين ونداء للأخلاق

الثلاثاء 25 نوفمبر 2025 - 11:35 م

مسؤولية السائقين: عقوبات صارمة لوفاة المرافقين ونداء للأخلاق

مسعود غانم

في قاعة المحكمة، ظل السائق في مقعده، مُتجمدًا وكأنما يحاول الهروب من اللحظة، لم يكن الأمر يتعلق بدهس شخص غريب أو حادثٍ بين مركبتين، بل كان الحادث أكثر إيلامًا له، حيث أدت أخطاؤه لوفاة صديقه الذي كان يجلس بجواره.

عدم إغلاق الباب بإحكام، عدم ربط الحزام، الانشغال بالهاتف، حمولة زائدة أو قيادة تحت تأثير الكحول، جميعها أسباب تختلف، لكن نتيجتها واحدة وهي ضحايا على المقاعد المجاورة، وسائقون يواجهون أحكامًا وتعويضات كبيرة.

قضايا لحوادث مرورية رصدتها صحيفة الإمارات اليوم أظهرت مسؤولية السائق الجنائية والمدنية والتأمينية بشأن حياة مرافقه، وكونه صديقًا أو قريبًا أو زميلًا لا يعفيه من المساءلة.

صرح خبراء قانون وتأمين بأن المرافق في المركبة يعد طرفًا ثالثًا بكامل الحقوق، وغالبًا ما تدور حوله النزاعات المدنية في حوادث المرور، وأن أي تهور قد يضع السائق تحت طائلة المساءلة الجنائية والديات الشرعية والتعويض المدني.

لفت الخبراء إلى أن الوثيقة الموحدة تلزم شركات التأمين بدفع التعويض للمرافق فورًا حتى لو كان السائق مخمورًا أو مخالفًا أو متجاوزًا شروط الوثيقة، مبينين أن جهل السائقين بالمسؤوليات يمكن أن يحول الحوادث البسيطة إلى قضايا مكلفة.

أظهرت حوادث رصدتها "الإمارات اليوم" وفاة مرافقين بسبب السائقين غير الملتزمين، مثل وفاة مشرف عمال بعد سقوطه من مركبة شركة بسبب خلل في قفل الباب.

أثبتت التحقيقات معرفة السائق بخلل في قفل الباب، وعند انعطاف المركبة فجأة انفتح الباب، وسقط مرافقه وتوفي، فقضت المحكمة بغرامة 10 آلاف درهم والدية الشرعية 200 ألف درهم.

في حادثة أخرى، قيادة السائق بسرعة تحت تأثير الكحول أدت لفقدانه السيطرة على المركبة وتسبب بإصابة المرافق بجروح قاتلة.

ألزمت لجنة المنازعات التأمينية شركة التأمين بدفع مليون درهم لأسرة الضحية، وبعد الدفع رفعت الشركة دعوى مدنية ضد السائق مطالبة باسترداد المبلغ استنادًا للوثيقة الموحدة.

في واقعة ثالثة، سار السائق عكس الاتجاه لمسافة 300 متر حيث جالس صديقه بجواره بلا حزام، ولدى اصطدام المركبة بالسيارة المقابلة توفي المرافق متأثرًا بالإصابات.

أدانت المحكمة السائق واعتبرت مخالفة السير عكس الطريق إهمالًا جسيمًا يسقط التغطية التأمينية، وألزمته بسداد الدية والتعويض.

في حادث آخر كان السائق منشغلًا بالهاتف أثناء القيادة حيث انحرفت المركبة واصطدمت بحاجز إسمنتي وانقلبت مرارًا، ما أدى لوفاة المرافق في الحال.

أدانت المحكمة السائق واعتبرت الانشغال بالهاتف إهمالًا، وألزمته بسداد الدية، كما استردت شركة التأمين التعويض من السائق بعد التزامها بدفع التعويض لورثة المتوفى.

في حادثة أخرى، توفي شخص مرافق لسائق يقود مركبة برخصة منتهية منذ سبعة أشهر، واصطدمت المركبة بعمود إنارة، ودُفعت الدية، ثم مارست شركة التأمين حق الرجوع لأن القيادة برخصة منتهية تسقط التغطية التأمينية.

أكد المحكم والمستشار القانوني محمد نجيب بأن مسؤولية السائق تشمل حياة من يرافقه سواء كان صديقًا أو قريبًا، وإذا تسبب بإصابة أو وفاة مرافقه يحمَل المسؤولية كاملة.

وأضاف بأن شركات التأمين لا يمكنها التنصل من تعويض المرافق حتى لو كان السائق مخمورًا أو مخالفًا، وتستطيع الرجوع على السائق إذا خالف شروط الوثيقة.

أوضح أن السائق مسبب الحادث تحت تأثير الكحول، ويعتبر مسؤولًا عن وفاة مرافقه، وقد قضت المحكمة بسجنه وإلزامه بسداد الدية وإيقاف رخصته.

أكد نجيب بأن التأمين مسؤول عن تعويض الورثة ولا يتنصل من واجباته حتى في ظل الاستثناءات لأن الحق ثابت للمتضرر، وللشركة الحق في الرجوع على السائق المخالف.

أشار إلى أن السائق قد يواجه تبعات قانونية أو تعويضات هائلة مقابل مخالفة واحدة، وأن هناك حالات استثنائية تُظهر أهمية المسؤولية.

قال المستشار القانوني عمار علي الأصبحي من شركة "ميثاق للتأمين"، بأن الوثيقة تلزم الشركات بتعويض المرافق إلا إذا كان موظفًا لدى مالك المركبة.

وأوضح الأصبحي أن الشركة تستطيع الرجوع على المؤمن له إذا كانت البيانات خاطئة أو الاستخدام غير مشروع، أو القيادة دون رخصة أو تحت تأثير المخدرات، أو كانت الغاية الاحتيال.

أشار الأصبحي إلى أن حماية المتضرر هدف رئيس والرجوع على السائق ضمان لتوازن الحقوق والواجبات، والقضاء ليس عقوبة بل تعديل لخطأ المخالف.

أكد الخبير التأميني بسّام جاليمران أن الراكب المرافق يعتبر طرفًا ثالثًا والتأمين ملزم بتغطية الأضرار ودفع الدية الشرعية أو ما تقره المحكمة.

أكد جاليمران على أن النظام التأميني يعمل على مبدأ التعويض ثم الرجوع على السائق المخالف، موصيًا بتوضيح حدود التغطية لأفراد الأسرة.

أوضح جهاد فيتروني أن التعويض عن وفاة الراكب يعتمد على الحالة والوثائق ولا يوجد مبلغ ثابت، مؤكدًا على أن التقييم القانوني هو ما يُحدد قيمة التعويض وليس رقمًا محددًا.


مواد متعلقة