انتصار الأوهام: هزيمة دون كيشوت في الفجيرة المونودرامية

الثلاثاء 15 أبريل 2025 - 09:19 ص

انتصار الأوهام: هزيمة دون كيشوت في الفجيرة المونودرامية

ليلى زكريا

اختارت عروض اليوم الثالث من مهرجان الفجيرة للمونودراما أن تستعرض محنة الإنسان وأزماته الوجودية كمحور لأدائها الفني.

العرض الإسباني تناول الأسطورة والتاريخ بغية تحليل مفاهيم معقدة كالغفران والحرية، مستخدمًا فضاء مسرحيًا رمزيًا طقوسيًا.

أما العرض الإيراني فاعتمد على التقنيات الحديثة للفيديو آرت والتلاعب الضوئي في استعراض رمزي لمغامرة دون كيشوت داخل عالم تكنولوجي معاصر.

منذ بداية العرض، وضع الأداء الإسباني "قطار ميديا" لجمهور الفنان رافائيل بينتو في بيئة أسطورية طقوسية.

كان الهدف استعراض واقعة الأسطورة اليونانية الشهيرة "ميديا"، بطريقة جديدة من خلال منظور الرجل.

طرحت المسرحية سؤالاً: ماذا لو تكلمت ميديا بصوت الرجل معترفة بكل ذنوبها في أعماق النفس البشرية؟

أوجدنا العرض في حالة ملهمة من الهدوء والتحول الدقيق، وشاهدنا أداءً متقنًا ومذهلاً للممثل، مع توظيف رائع لديكور العرض.

العرض اعتمد على عناصر بصرية محدودة صُنع منها ممثل ماهر عالمًا كاملًا من الضوء، الموسيقى، والحركات الرمزية.

حكاية "قطار ميديا" قامت على سينوغرافيا بسيطة، ووظفت الموسيقى كعنصر أساسي في بناء الفضاء القصصي.

الممثل صنع الموسيقى بنفسه على الخشبة من أدوات ديكور العرض لتضيف بُعدًا تراتليًا سودويا لأسطورة الفقد.

كان الممثل يسير بخط رفيع بين الإبهار والهشاشة دون مجال للخطأ، مما خلق حالة من التوتر العاطفي المتوازن.

أنهى العرض بالتلاعب بتفاصيل الديكور، فيصبح كل شيء قائمًا على هشاشة قابلة للانهيار.

الممثل توج العرض بدوائر ثقافية محلية وأسطورية عالمية للبحث عن حرية المرأة بمنظور نفسي مُلهم.

تم استدعاء شخصية ياسون لتعميق الجوانب المأساوية في المونودراما وتحويل الغياب إلى حضور مأزوم.

العرض الإسباني "قطار ميديا" قدم قراءة معاصرة للأسطورة بحبكة إنسانية وجودية قوامها قوة الفن وتحويل الألم إلى معنى.

أما العرض الإيراني جاء بعنوان "مستطيل" بأداء الفنان سيد إمام أصفهاني رشيدي، ليعرض تجربة دلالية مغايرة.

ألغى العرض الصالة محولًا الجمهور إلى خشبة المسرح ليظهر مستطيل بصري يشكل السجن الذي تدور فيه حكاية العرض.

المستطيل البصري يُصوّر سجن العصر الحديث بتقنيات التواصل، لتحول الحياة الحقيقية إلى عالم موازٍ وليس العكس.

يستعيد العرض البطل الشعبي "دون كيشوت" ليبحث عن مغامراته الجديدة في صراعات مع تقنيات العصر الحديث.

البطل فاقد الحيلة في خوض معاركه ضمن المستطيل، فيتحول إلى ضحية للأجهزة التي تزيد من اغترابه ومعاناته.

العرض يأخذنا إلى عالم متأزم، حيث "سانشو" يتحول من صديق حميم إلى مدير أعمال مادي بلا ضمير.

يسيطر "المدرب الروحي" على بطله عبر البعد الروحي المأزوم، ليستغل المعاناة ويحولها إلى منتج استهلاكي.

الفضاء المسرحي ببساطته يُبرز الحبس المعاصر، فيستخدم الضوء والظل والصوت لإنتاج تجربة تعبيرية مذهلة.

العرض لا يقدم بطلًا تقليديًا بل شخصية مأزومة ترى الجمهور كخصم وصديق، ماثلة أمام الانهيار الرقمي.

"مستطيل" يعرّي العصر الرقمي الافتراضي، حيث الحرية الموعودة تتلاشى تحت ضغط الواقع الافتراضي.


مواد متعلقة