كوبا تعاني اقتصادياً والقيود الأمريكية تزداد صرامة

الإثنين 21 يوليو 2025 - 06:08 م

كوبا تعاني اقتصادياً والقيود الأمريكية تزداد صرامة

منى شاهين

خلال الربيع الماضي، احتشد الآلاف من الكوبيين في ساحة الثورة بالعاصمة الكوبية، هافانا، احتفالاً بعيد العمال في كوبا. لكن في هذا العام لم يكن هناك ما يستحق الاحتفال، حيث تعاني كوبا كارثة وطنية، ويواجه الشعب الكوبي حالة يأس متزايدة.

في خضم أسوأ الأزمات الاقتصادية التي واجهتها البلاد وأثرت بشدة على الجزيرة، اضطرت الحكومة للضغط على المواطنين لحضور هذا التجمع السنوي. وأفادت تقارير بوجود نحو 600 ألف كوبي في هافانا، بينما شارك بالملايين في أنحاء كوبا الأخرى.

كانت المشاركة في مثل هذا التجمع إلزامية، فهي الثمن الذي يدفعه سكان كوبا للحصول على المزايا التي تقدمها الدولة كالتوظيف والإسكان والتعليم والمساعدات الغذائية، والضروريات الأخرى. ورغم نقص الماء والطعام والأدوية والوقود، استخدمت كافة موارد الحكومة لتسهيل حضور فعالية ساحة الثورة.

أصبح هذا التجمع رمزاً للرسائل السياسية ولإظهار دعم الحكومة الكوبية المتعثرة. رغم أن القيادة تغيرت شكلياً في عام 2019 برئاسة ميغيل دياز كانيل، إلا أنه يُعتقد أن راؤول كاسترو لا يزال يمسك بزمام الأمور من وراء الكواليس.

مع بلوغه الرابعة والتسعين، يبقى كاسترو مركز السلطة في كوبا، يمارس نفوذاً كبيراً في الشؤون السياسية والاقتصادية والعسكرية. ولا تزال السلطة تحافظ على الرقابة الاجتماعية الصارمة بوجود لجان الأحياء للدفاع عن الثورة.

الهم الأكبر للحكومة اليوم هو انقطاع الكهرباء المستمر، والذي شمل أيضاً العاصمة هافانا بسبب نقص الوقود. وفي مارس 2025، ومشكلة محطة توليد الكهرباء، أصبحت معظم أجزاء الدولة بلا كهرباء للمرة الرابعة خلال ستة أشهر.

وتفاقم المشاكل الاقتصادية كان سبباً في إحباط السكان، نتيجة انخفاض الدخل الشهري وضعف الاقتصاد وتدهور مستوى المعيشة. وفي بداية يونيو الماضي، احتج طلاب جامعة هافانا على الزيادة الكبرى في رسوم خدمات الإنترنت والهاتف المحمول.

تعتبر شركة الاتصالات الحكومية مصدر دخل مهم للحكومة، إذ تتلقى تمويلاً من الكوبيين في الخارج لشراء باقات الهاتف لعائلاتهم في الجزيرة. كما تواجه الحكومة قلقاً آخر، إذ تفتقر للعملة الصعبة اللازمة لتسهيل التجارة واستيراد المواد الحيوية.

خلال الحرب الباردة، كانت كوبا تحصل على دعم مالي من الاتحاد السوفييتي، وتلقت مساعدة من فنزويلا تحت حكم هوغو تشافيز. لكن حالياً لا تحظى كوبا بنفس الدعم. وفي ظل هذه الظروف، أجرت إدارة الرئيس ترامب تغييرات جذرية في السياسة نحو كوبا.

ألغى ترامب إذاعة وتلفزيون مارتي المصنفتين كجزء من حملة ناعمة ضد الشيوعية الكوبية، وصنف كوبا كدولة راعية للإرهاب. وأعاد العمل بقائمة كوبا المحظورة، وأوقف برنامج الإفراج الإنساني الذي سمح لبعض الكوبيين بدخول الولايات المتحدة.

وفي الرابع من يونيو الماضي، أعلنت الولايات المتحدة حظراً جزئياً على الكوبيين الراغبين في دخول الولايات المتحدة دون تأشيرة. كما تضمن قانون ترامب ضريبة على التحويلات المالية، مؤثراً سلباً على أكبر مصدر لدخل كوبا من العملة الأجنبية.

تعيش كوبا اليوم لحظة حرجة، فستة عقود من الثورة خلفت آثاراً وخيمة، ولا تزال القيادة غير راغبة في سن الإصلاحات الديمقراطية الضرورية. يبحث المواطنون عن طرق للتعبير عن استيائهم، ويتوجب على المجتمع الدولي رفع الوعي بالواقع الكوبي.


مواد متعلقة