استئناف التجارب النووية الأمريكية يهدد تحالفاتها الدولية بعواقب وخيمة

الإثنين 10 نوفمبر 2025 - 03:37 ص

استئناف التجارب النووية الأمريكية يهدد تحالفاتها الدولية بعواقب وخيمة

ناصر البادى

أثناء توجهه للقاء الرئيس الصيني شي جينبينغ لمناقشة الاتفاقات التجارية، نشر الرئيس الأميركي دونالد ترامب بياناً مقتضباً في 29 أكتوبر، يبدو أنه يشير إلى أن الولايات المتحدة ستعود قريباً إلى إجراء التجارب النووية.

نشر ترامب عبر "تروث سوشيال" قائلاً: "بسبب برامج التجارب التي تجريها دول أخرى، أصدرت تعليمات إلى وزارة الحرب لبدء التجارب الخاصة بأسلحتنا النووية على نحو متكافئ، وستبدأ هذه العملية فوراً".

الغرض من تصريحات ترامب غير واضح تماماً، وقد رفض وزير الطاقة الأميركي هذه الخطوة مما زاد من التعقيد والغموض حول الموضوع.

في حين يرى البعض أن هذا يمثل دعوة مباشرة لاستئناف التجارب النووية، يشير حديث ترامب عن "الأساس المتكافئ" إلى التركيز على تجارب نظم التوصيل أو التجارب ذات العائد المنخفض على المواد الثانوية وليس الرؤوس الحربية نفسها.

كما أعلن الرئيس الأميركي بدء تجارب على "أساس متكافئ"، لكن لم تُجرِ الصين أو روسيا تجارب نووية مكثفة منذ توقيعهما على معاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية.

ومع ذلك، تُفيد مزاعم بأن البلدين قد يجريان تجارب نووية "فوق حرجة" صغيرة، تُحقق تفاعلاً مستديماً دون الإفصاح عنها بسهولة ما يجعل تعقبها من خلال الاستخبارات أمراً صعباً.

في مقابلة مع برنامج "60 دقيقة"، يبدو أن ترامب أشار لهذه الادعاءات، والتي يمكن إجراؤها بنطاق محدود لتفادي الكشف.

مثل هذه التجارب "الفوق حرجة" تنتج معلومات أقل مقارنة بالتجارب الكاملة على الرؤوس الحربية، حيث لا يتم اختبار التفاعل بين المواد داخل الرأس الحربي بشكل مباشر خلالها.

وتتطلب هذه الاختبارات مرافق خاصّة لم تستثمر فيها الولايات المتحدة بعد، وقد تحتاج لسنوات من الاستثمار.

حالياً، يتم تحديث مرفق الاختبارات "دون الحرجة" للولايات المتحدة، المعروف رسماً بـ"يو 1 أ"، ببنية استثمار تبلغ حوالي 2.5 مليار دولار ومن الممكن أن يكون جاهزاً في عام 2030.

وجاء إعلان ترامب تزامناً مع اختبار روسيا اثنان من نظم التوصيل النووي من الجيل التالي، "بوريفيستنيك" صاروخ كروز نووي، و"بوسيدون" طوربيد نووي مدمر للمدن الساحلية.

قد يرغب ترامب في بدء الولايات المتحدة اختبار نظم نووية بمعدل مشابه للاختبارات في الصين وروسيا.

لكن هناك عقبات كثيرة تواجه استئناف التجارب النووية وزيادة اختبارات الطيران. فما مدى سرعة استئناف الولايات المتحدة التجارب النووية غير واضح، وقد يتطلب الأمر استثمارات ضخمة في مواقع التجارب مثل نيفادا.

تنفيذ تجارب نووية واسعة النطاق قد لا يجلب فوائد كبيرة، وقد يكون تخلياً عن الالتزام بمعاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية، مما قد يحث دولاً أخرى مثل روسيا والصين على اتباع النهج نفسه.

التقنية من تجريب النظام النووي الجديد يمكن أن تساهم في تطور الصين حيث أن بياناتها الحالية محدودة بالمقارنة مع الولايات المتحدة التي أجرت أكثر من 1000 تجربة.

قد يسبب استئناف التجارب النووية استياءً دبلوماسياً عاماً في البلدان الحليفة التي تشعر بإحباط تجاه البطء في مسار نزع السلاح النووي.

وعلى الرغم من الالتزامات المتغيرة لنزع السلاح بموجب المادة السادسة من معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، تراجع تقدم نزع السلاح خلال العقد الماضي مع استثمار روسيا والصين والولايات المتحدة في نظم أسلحة جديدة.

في هذه الأثناء، فقدت بعض الدول صبرها بسبب البطء في التقدم، وأيدت معاهدة حظر الأسلحة النووية التي تحظر على الدول الموقعة إنتاج الأسلحة النووية أو تخزينها.

وقعت 95 دولة على هذه المعاهدة، وتحظى بشعبية كبيرة في الدول الحليفة للولايات المتحدة مثل أستراليا واليابان وهولندا.

قد يؤدي استئناف التجارب النووية إلى إثارة الرأي العام ويجعل من الصعب سياسياً رفض التوقيع على معاهدة حظر الأسلحة النووية، وهذا له تداعيات خطيرة على شبكة التحالفات.

تعمل الولايات المتحدة حالياً على تطوير أسلحة نووية ليتم نشرها على غواصات هجومية، لكن توقيع دول مثل أستراليا واليابان على المعاهدة سيعوق التخزين النووي على أراضيها.

الولايات المتحدة تتبع سياسة صارمة بعدم تأكيد وجود أسلحة نووية بأي مكان. وقد أدت المحاولات السابقة من نيوزيلندا لجعل السفن الحربية الأميركية تعلن عن وجود أسلحة نووية إلى تعليق التزامات دفاعية.

قد تحدث حالات مماثلة في دول حليفة أخرى مما يسبب مشاكل لشبكة تحالفات الولايات المتحدة وقدرتها على ردع الخصوم.

لقد بذلت الولايات المتحدة جهوداً كبيرة لتأكيد أن اختبارات الطيران للأنظمة النووية، مثل "مينوتمان 3" من فاندنبرغ في كاليفورنيا، جزء من اختبارات روتينية وليس لإرسال رسائل للخصوم.

في إطار خفض التوترات، تقوم الولايات المتحدة بإخطار الدول الأخرى قبل إجراء الاختبارات، وقامت الصين مؤخراً بالشيء نفسه بعد اختبار صاروخي عابر للقارات فوق المحيط الهادئ في سبتمبر 2024.

إجراء المزيد من اختبارات الطيران لمواكبة الإجراءات الروسية والصينية قد يقوض تقدم الحد من المخاطر التي تحققت مؤخراً.


مواد متعلقة