خطط السويد لاستخراج المعادن تهدد معيشة رعاة الرنة في الشمال

الإثنين 08 سبتمبر 2025 - 01:23 م

خطط السويد لاستخراج المعادن تهدد معيشة رعاة الرنة في الشمال

منى شاهين

على قمة جبل لوسافارا شمال السويد، يجد راعي الرنة من مجتمع السامي، لارس ماركوس كومونين، نفسه في مواجهة مستقبل قاتم لنفسه ولغيره من السكان الأصليين. هؤلاء الناس جابوا هذه الأرض مع حيواناتهم منذ آلاف السنين.

يُؤدي توسع منجم الحديد ورواسب المعادن النادرة في بير جايير إلى تقسيم الأرض وتعديل مسارات هجرة الرنة التقليدية. مع ارتفاع درجة حرارة القطب الشمالي أسرع بأربع مرات مقارنة بباقي الكوكب، يشعر الرعاة بحاجة ملحة لمزيد من المرونة الجغرافية لضمان بقاء الرنة.

إذا تم تنفيذ مشروع منجم المعادن النادرة الذي تعتبره السويد الأكبر في أوروبا، قد يتعرض مسار الهجرة التقليدي لقرية غابنا للسكان الأصليين لخطر التوقف تمامًا.

أفاد لارس ماركوس كومونين أن هذا من شأنه أن ينهى على نمط حياة شعب السامي. هو وأطفاله ورفاقه من رعاة الرنة في هذه الزاوية الشمالية من السويد، حيث يعيشون على بعد 200 كيلومتر فوق الدائرة القطبية الشمالية.

أوضح كومونين أن الرنة تشكل الركيزة الأساسية لثقافة السامي في السويد. حيث يعتمد كل شيء على الرنة: الطعام، اللغة، ومعرفة الجبال. إذا اندثر هذا التقليد، فستندثر ثقافة السامي كذلك.

ينحدر رعاة السامي من شعب كان قديماً غير مستقر، يعيش عبر مناطق أقصى شمال السويد والنرويج وفنلندا، وحتى الزاوية الشمالية الغربية لروسيا. في ستينات القرن الماضي، كانت الكنيسة والدولة تمنع وتقمح لغتهم وثقافتهم.

في السويد هناك أكثر من 20 ألف شخص ينتمون لشعب السامي، رغم عدم وجود إحصاء رسمي يعزز هذه التقديرات لأن التعدادات السكانية على أساس عرقي محظورة قانونيًا.

تعتبر قرية سامبي مثال بارز على ما وصلت إليه حال المجتمعات المحلية، حيث تقيد السلطات عدد رؤوس الرنة التي يمكن امتلاكها وأماكن تنقلها.

قال عضو البرلمان ستيفان ميكائيلسون، وهو من السكان الأصليين، أن إيجاد نوع من تربية الرنة المستدامة أصبح تحدي كبير، وسط محاولتهم التأقلم للبقاء على المستويات الشديدة من الشتاء القطبي في السنوات القادمة.

في قرية غابنا، يرعى كومونين نحو 2500 إلى 3000 رأس من الرنة، ويقود فريق من 15 إلى 20 راعياً، تعتمد عائلاتهم، التي يبلغ عددها نحو 150 شخصًا، على الدخل الصافي من هذا العمل.

حتى قبل اكتشاف المعادن الجديدة في بير جايير، كانوا يواجهون تأثير منجم كيرونافارا، وهو أكبر منجم خام حديد تحت الأرض في العالم. مما أجبر رعاة القرية على استخدام مسارات هجرة أطول وأصعب.

المسؤولون السويديون وشركة ليكاب، شركة التعدين المملوكة للدولة، يزعمون أن منجم بير جايير يمكن أن يقلص اعتماد أوروبا على الصين في المعادن الأرضية النادرة، ويخططون للبدء في التعدين بالثلاثينيات من هذا القرن.

هذه المعادن ضرورية لكثير من التقنيات الاستهلاكية، مثل الهواتف المحمولة، ومحركات الأقراص الصلبة، والسيارات الكهربائية. تُعد أيضًا جزءًا من التحول الاقتصادي بعيدًا عن الوقود الأحفوري إلى الطاقة المتجددة.

إذا استمر العمل في بير جايير، يُحتمل أن لا يجد رعاة قرية غابنا أي مسارات أخرى لنقل الرنة إلى المراعي الصيفية الخصبة.

تعتزم القرية الطعن في المشروع في المحكمة، لكن كومونين أبدى عدم تفاؤله قائلاً: من الصعب مواجهة هذه المشاريع، فإنهم يمتلكون الموارد والمال، بينما نحن لا نملك سوى إرادتنا للبقاء وإرادة ترك المراعي لأطفالنا.

من جانبه، صرح نائب مدير شركة ليكاب دايرن ويلسون أن الشركة تبحث عن حلول لمساعدة الرعاة بالمنطقة، لكنه رفض الكشف عمّا قد تكون عليه هذه الحلول قائلاً: هناك أمور يمكننا العمل عليها واستكشافها، ورغم ذلك لا يُمكن التغاضي عن التحديات.

في فصل الصيف، ارتفعت درجات حرارة الجبال إلى 30 درجة مئوية في شمال السويد. هذا أدى لصعوبات في حصول الرنة على التغذية الكافية لزيادة وزنها لتحضير لفصل الشتاء.

بعضهم اقترح نقل الرنة بالشاحنات بين المراعي عند بدء أعمال البناء في بير جايير، إلا أن البعض الآخر يعتقد أن هذا مستحيل، لأن الحيوانات تأكل أثناء رحلتها ونقلها سيحرمها من التغذية خلال الطريق.


مواد متعلقة